الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 188 ] وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا ؛ وقرأ الحسن: " لا تقولوا راعنا " ؛ بالتنوين؛ والذي عليه الناس: " راعنا " ؛ غير منون؛ وقد قيل في " راعنا " ؛ بغير تنوين ثلاثة أقوال: قال بعضهم: " راعنا " : " أرعنا سمعك " ؛ وقيل: كان المسلمون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " راعنا " ؛ وكانت اليهود تتساب بينها بهذه الكلمة؛ وكانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهم؛ فلما سمعوا هذه الكلمة اغتنموا أن يظهروا سبه بلفظ يسمع؛ ولا يلحقهم به في ظاهره شيء؛ فأظهر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين على ذلك؛ ونهى عن هذه الكلمة؛ وقال قوم: " لا تقولوا راعنا " ؛ من المراعاة؛ والمكافأة؛ فأمروا أن يخاطبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتقدير؛ والتوقير؛ فقيل لهم: " لا تقولوا راعنا " ؛ أي: كافنا في المقال؛ كما يقول بعضهم لبعض؛ " وقولوا أنظرنا " ؛ أي: أمهلنا؛ واسمعوا؛ كأنه قيل لهم: استمعوا؛ وقال قوم إن " راعنا " ؛ كلمة تجري على الهزء والسخرية؛ فنهي المسلمون أن يلتفظوا بها بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأما قراءة الحسن: " راعنا " ؛ فالمعنى فيه: لا تقولوا حمقا؛ من " الرعونة " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية