الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5522 [ ص: 495 ] ( 27 ) غزوة الخندق

                                                                                ( 1 ) حدثنا أبو بكر قال : حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس ، فسمعت وئيد الأرض ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس ، يحمل مجنه ، فجلست إلى الأرض ، قالت : فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه ، فأنا أتخوف على أطراف سعد ، قالت : وكان من أعظم الناس وأطولهم ، قالت : فمر يرتجز وهو يقول :

                                                                                ليت قليلا يدرك الهيجا جمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل

                                                                                قالت : فقمت فاقتحمت حديقة ، فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه تسبغة له تعني المغفر ، قال : فقال عمر : ويحك ما جاء بك ؟ ويحك ما جاء بك ؟ والله إنك لجريئة ، ما يؤمنك أن يكون تحوز وبلاء ، قالت : فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت فدخلت فيها ، قال : فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله ، قال فقال : يا عمر ، ويحك قد أكثرت منذ اليوم ، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله ، قالت : ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له حبان بن العرقة بسهم ، فقال : خذها وأنا ابن العرقة ، فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله فقال : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية فرقأ كلمه ، وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فلحق أبو سفيان بتهامة ، ولحق عيينة بن بدر بن حصن ومن معه بنجد ، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد في المسجد ووضع السلاح ، قالت : فأتاه جبريل فقال : أقد وضعت السلاح ، والله ما وضعت الملائكة السلاح ، فاخرج إلى بني قريظة فقاتلهم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل ولبس لأمته ، فخرج فمر على بني غنم ، وكانوا جيران المسجد ، فقال : من مر بكم ؟ فقالوا : مر بنا دحية الكلبي ، وكان دحية تشبه لحيته وسنته ووجهه بجبريل ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسة وعشرين يوما ، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم بيده أنه الذبح ، فقالوا : ننزل [ ص: 496 ] على حكم ابن معاذ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد ، فحمل على حمار له إكاف من ليف ، وحف به قومه ، فجعلوا يقولون : يا أبا عمرو ، حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت ، لا يرجع إليهم قولا حتى إذا دنا من دارهم التفت إلى قومه فقال : قد آن لسعد أن لا يبالي في الله لومة لائم ، فلما طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ، قال عمر : سيدنا الله ، قال أنزلوه ، فأنزلوه ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : احكم فيهم ، قال : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله ، قال : ثم دعا الله سعد فقال : اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك ، فقال : فانفجر كلمه وكان قد برأ حتى ما بقي منه إلا مثل الخرص ، قالت : فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع سعد إلى قبته التي كان ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، قالت : فوالذي نفسي بيده ، إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي ، وكانوا كما قال الله رحماء بينهم قال علقمة : فقلت : أي أمه ، فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قالت : كانت عينه لا تدمع على أحد ، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته
                                                                                .

                                                                                ( 2 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : لما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمسى أتاه جبريل أو قال ملك فقال : من رجل من أمتك مات الليلة ، استبشر بموته أهل السماء ، فقال : لا إلا أن يكون سعد فإنه أمسى دنفا ، ما فعل سعد ؟ قالوا : يا رسول الله ، قد قبض ، وجاءه قوم فاحتملوه إلى دارهم ، قال : فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم خرج وخرج الناس ، فبت رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مشيا حتى إن شسوع نعالهم لتقطع من أرجلهم ، وإن أرديتهم لتسقط عن عواتقهم ، فقال رجل : يا رسول الله ، بتت الناس ؟ فقال : إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة ، قال محمد : فأخبرني أشعث بن إسحاق قال : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 497 ] وهو يغسل ، قال : فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتيه فقال : دخل ملك ولم يكن له مجلس فأوسعت له ، وأمه تبكي وهي تقول : ويل أم سعد سعدا براعة وجدا بعد أياد له ومجدا مقدم سد به مسدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل البواكي يكذبن إلا أم سعد ، قال محمد : وقال ناس من أصحابنا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج لجنازته قال ناس من المنافقين : ما أخف سرير سعد أو جنازة سعد ، قال ، فحدثني سعد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم مات سعد : لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل يومئذ قال محمد : فسمعت إسماعيل بن محمد بن سعد ودخل علينا الفسطاط ونحن ندفن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ فقال : ألا أحدثكم بما سمعت أشياخنا ؟ سمعت أشياخنا يحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم مات سعد : لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل يومئذ قال محمد : فأخبرني أبي عن أبيه عن عائشة قالت : ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ ، قال محمد : وحدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل أن رجلا أخذ قبضة من تراب قبر سعد يومئذ ففتحها بعد فإذا هو مسك ، قال محمد : وحدثني واقد بن عمرو بن سعد قال : وكان واقد من أحسن الناس وأطولهم ، قال : دخلت على أنس بن مالك قال فقال لي : من أنت ؟ قلت : أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : يرحم الله سعدا ، إنك بسعد لشبيه ، ثم قال : يرحم الله سعدا كان من أجمل الناس وأطولهم ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة فبعث إليه بجبة ديباج منسوج فيها ذهب ، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على المنبر فجلس فلم يتكلم ، فجعل الناس يلمسون الجبة ويتعجبون منها ؟ فقال : أتعجبون منها ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما رأينا ثوبا أحسن منه ، قال : فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون .

                                                                                ( 3 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير ، فجعلوا يتعجبون من لينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد في الجنة ألين مما ترون .

                                                                                [ ص: 498 ] حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال : سمعت المهلب بن أبي صفرة يقول وذكر الحرورية تبييتهم فقال : قال أصحاب محمد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حفر الخندق وهو يخاف أن يبيتهم أبو سفيان : إن بيتم فإن دعواكم حم لا ينصرون .

                                                                                ( 5 ) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال : لقد اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا ، قال : ورفع أبويه على العرش ، قال : تفسخت أعواده ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره فاحتبس ، فلما خرج قالوا : يا رسول الله ، ما حبسك ؟ قال : ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه .

                                                                                ( 6 ) حدثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ .

                                                                                ( 7 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسحاق بن راشد عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء بنت زيد بن سكن قالت : لما خرج بجنازة سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سعد : ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك أن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش .

                                                                                ( 8 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت : قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة ، وكان غلمان الأنصار يتلقون أهاليهم ، فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع ، فجعل يبكي ، فقلت : غفر الله لك ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك وأنت تبكي على امرأة ، قالت : فكشف رأسه ، فقال : صدقت لعمري ، ليحقن ألا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ ، وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ، قلت : وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ ، قالت : هو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                ( 9 ) حدثنا هوذة بن خليفة عن عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اهتز العرش لموت سعد بن معاذ .

                                                                                ( 10 ) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه عن حذيفة قال : لما مات سعد بن معاذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اهتز العرش لروح سعد بن معاذ .

                                                                                [ ص: 499 ] حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : أصيب أكحل سعد يوم الخندق رماه رجل يقال له ابن العرقة ، قالت : فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وضرب عليه خيمة ليعوده من قريب .

                                                                                ( 12 ) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله : إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر قالت : كان ذاك يوم الخندق .

                                                                                ( 13 ) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاف المشركين يوم الخندق قال ، وكان يوما شديدا لم يلق المسلمون مثله قط ، قال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر معه جالس ، وذلك زمان طلع النخل ، قال ، وكانوا يفرحون به إذا رأوه فرحا شديدا ؛ لأن عيشهم فيه قال ، فرفع أبو بكر رأسه فبصر بطلعة وكانت أول طلعة رئيت ، فقال هكذا بيده طلعة يا رسول الله ، من الفرح ، قال : فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم وقال : اللهم لا تنزع منا صالح ما أعطيتنا أو صالحا أعطيتنا .

                                                                                ( 14 ) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال : لما أصيب سعد بن معاذ بالرمية يوم الخندق ، وجعل دمه يسيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر فجعل يقول : وانقطاع ظهراه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مه يا أبا بكر ، فجاء عمر فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                ( 15 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه قال : كان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له مسعود ، وكان نماما ، فلما كان يوم الخندق بعث أهل قريظة إلى أبي سفيان أن ابعث إلينا رجالا يكونون في آطامنا حتى نقاتل محمدا مما يلي المدينة ، وتقاتل أنت مما يلي الخندق ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من وجهين ، فقال لمسعود : يا مسعود ، إنا نحن بعثنا إلى بني قريظة أن يرسلوا إلى أبي سفيان فيرسل إليهم رجالا ، فإذا أتوهم قتلوهم ، قال : فما عدا أن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال : فما تمالك حتى أتى أبا سفيان فأخبره ، فقال : صدق والله محمد ما كذب قط ، فلم يبعث إليهم أحدا .

                                                                                [ ص: 500 ] حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : مكث النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحفرون الخندق ثلاثا ما ذاقوا طعاما ، فقالوا : يا رسول الله ، إن هاهنا كدية من الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رشوا عليها الماء ، فرشوها ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ المعول أو المسحاة ثم قال : بسم الله ، ثم ضرب ثلاثا فصارت كثيبا ، قال جابر : فحانت مني التفاتة ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شد على بطنه حجرا .

                                                                                ( 17 ) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن البراء قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره ، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة يقول :

                                                                                اللهم لولا أنت ما اهتدينا     ولا تصدقنا ولا صلينا
                                                                                فأنزلن سكينة علينا     وثبت الأقدام إن لاقينا
                                                                                إن الألى قد بغوا علينا     وإن أرادوا فتنة أبينا

                                                                                .

                                                                                ( 18 ) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة باردة والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق ، فلما نظر إليهم قال :

                                                                                ألا إن العيش عيش الآخره     فاغفر للأنصار والمهاجره

                                                                                فأجابوه :

                                                                                نحن الذين بايعوا محمدا     على الجهاد ما بقينا أبدا

                                                                                .

                                                                                ( 19 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال : حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كفينا ذلك ، وذلك قول الله : وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأقام ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام العصر فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى المغرب كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العشاء كما كان يصليها قبل ذلك ، وذلك قبل أن ينزل فإن خفتم فرجالا أو ركبانا .

                                                                                [ ص: 501 ] حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب [ عن عمر بن الخطاب ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل يوم الخندق الظهر والعصر حتى غابت الشمس .

                                                                                ( 21 ) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي معشر قال : جاء الحارث بن عوف وعيينة بن حصن فقالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عام الخندق : نكف عنك غطفان على أن تعطينا ثمار المدينة ، قال : فراوضوه حتى استقام الأمر على نصف ثمار المدينة ، فقالوا : اكتب بيننا وبينك كتابا ، فدعا بصحيفة ، قال : والسعدان : سعد بن معاذ وسعد بن عبادة جالسان ، فأقبلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : أشيء أتاك عن الله ليس لنا أن نعرض فيه ، قال : لا ، ولكني أردت أن أصرف وجوه هؤلاء عني ويفرغ وجهي لهؤلاء ، قال : قالا له ما نالت منا العرب في جاهليتنا شيئا إلا بشرى أو قرى .

                                                                                ( 22 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق : حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا .

                                                                                ( 23 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وابن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني إلا أن ابن إدريس قال : عرضت .

                                                                                ( 24 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق : من رجل يذهب فيأتينا بخبر بني قريظة فركب الزبير فجاءه بخبرهم ، ثم عاد فقال ثلاث مرات : من يجيئني بخبرهم ؟ فقال الزبير : نعم ، قال : وجمع النبي صلى الله عليه وسلم للزبير أبويه فقال : فداك أبي وأمي ، وقال للزبير : لكل نبي حواري ، وحواري الزبير وابن عمتي .

                                                                                ( 25 ) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن ميمون قال حدثنا البراء بن عازب قال : لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفر الخندق عرض لنا في بعض الجبل صخرة عظيمة شديدة ، لا تدخل فيها المعاول ، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه ، وقال : باسم الله ، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها ، وقال : والله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها [ ص: 502 ] الحمر الساعة ، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر فقال : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض ، ثم ضرب الثالثة فقال : باسم الله ، فقطع بقية الحجر ، وقال : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء .

                                                                                ( 26 ) حدثنا هشيم قال أخبرنا أبو الزبير عن جابر عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا ، فأذن وأقام الظهر ثم أقام فصلى العصر ، ثم أقام فصلى المغرب ، ثم أقام فصلى العشاء .

                                                                                ( 27 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة أن صفية كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق .

                                                                                ( 28 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة قال : لما كان يوم الخندق قام رجل من المشركين فقال : من يبارز ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا زبير ، فقالت صفية : يا رسول الله ، واحدي ، فقال : قم يا زبير ، فقام الزبير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيهما علا صاحبه قتله ، فعلاه الزبير فقتله ، ثم جاء بسلبه فنفله النبي صلى الله عليه وسلم إياه .

                                                                                ( 29 ) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم والزبير بن الخريت وأيوب السختياني كلهم عن عكرمة أن نوفلا أو ابن نوفل تردى به فرسه يوم الخندق فقتل ، فبعث أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بديته مائة من الإبل ، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : خذوه فإنه خبيث الدية خبيث الجثة .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية