الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5614 ( 182 ) أبو أسامة قال حدثنا مجالد قال أخبرنا عامر قال أخبرتني فاطمة ابنة قيس قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بالهاجرة يصلي قالت : ثم صعد المنبر فقام الناس فقال : أيها الناس ، اجلسوا فإني لم أقم مقامي هذا لرغبة ولا لرهبة ، وذلك أنه صعد المنبر في الساعة لم يكن يصعده فيها ، ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا منعني القيلولة من الفرح وقرة العين ، فأحببت أن أنشر عليكم خبر تميم ، أخبرني أن رهطا من بني عمه ركبوا البحر فأصابتهم عاصف من ريح ، فألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة فإذا هم بشيء أسود أهدب كثير الشعر ، لا يدرون هو رجل أو امرأة ، قالوا : ألا تخبرنا ، قال : ما أنا [ ص: 675 ] بمخبركم ولا مستخبركم شيئا ، ولكن هذا الدير قد رمقتموه ففيه من هو إلى خبركم بالأشواق ، وإلى أن يخبركم ويستخبركم ، قالوا : فما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة ؛ فانطلقوا حتى أتوا الدير فاستأذنوا فأذن لهم فإذا هم بشيخ موثق شديد الوثاق مظهر الحزن كثير التشكي ، فسلموا عليه فرد السلام وقال : من أين أنتم ؟ قالوا : من الشام ، قال : ممن أنتم ؟ قالوا : من العرب ، قال : ما فعلت العرب ، خرج نبيهم بعد ؟ قالوا : نعم قال : فما فعلوا ؟ قالوا : ناوأه قوم فأظهره الله عليهم فهم اليوم جميع ، قال : ذاك خير وذكر فيه : آمنوا به واتبعوه وصدقوه ، قال ذاك خير لهم ، قال : فالعرب اليوم إلههم واحد وكلمتهم واحدة ؟ قالوا : نعم ، قال : ذاك خير لهم ، قال : فما فعلت عين زغر ؟ قالوا : صالحة يشرب أهلها بشفتهم ويسقون منها زرعهم قال : فما فعل نخل بين عمان وبيسان ؟ قالوا : يطعم جناه كل عام قال : فما فعلت بحيرة الطبرية ؟ قالوا : ملأى تدفق جنباتها من كثرة الماء ، قال فزفر ثم زفر ثم زفر ثم حلف فقال : لو قد انفلت أو خرجت من وثاقي هذا أو مكاني هذا ما تركت أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين غير طيبة ، ليس لي عليها سبيل ولا سلطان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى هذا انتهى فرحي ، هذه طيبة ، والذي نفس محمد بيده ، إن هذه طيبة ، ولقد حرم الله حرمي على الدجال أن يدخله ، ثم حلف صلى الله عليه وسلم : ما لها طريق ضيق ولا واسع في سهل أو جبل إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة ، ما يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها ، قال مجالد : فأخبرني عامر قال : ذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد فقال القاسم : أشهد على عائشة لحدثتني هذا الحديث غير أنها قالت : الحرمان عليه حرام : مكة والمدينة ، قال عامر : فلقيت المحرر بن أبي هريرة فحدثته حديث عائشة فقال : أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك عائشة ما نقص حرفا واحدا غير أن أبي قد زاد فيه بابا واحدا ، قال : فحط النبي صلى الله عليه وسلم بيده نحو المشرق قريبا من عشرين مرة .

                                                                                ( 183 ) عبد الله بن نمير قال حدثنا سفيان قال حدثنا سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله أنه ذكر عنده الدجال فقال عبد الله : تفترقون أيها الناس لخروجه ثلاث فرق : فرقة تتبعه ، وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح ، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات [ ص: 676 ] فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو فرس أبلق ، فيقتلون لا يرجع منهم بشر ؛ قال سلمة : فحدثني أبو صادق عن ربيعة بن ناجد أن عبد الله قال : فرس أشقر ، ثم قال عبد الله : ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عيسى ابن مريم ينزل فيقتله ، قال أبو الزعراء : ما سمعت عبد الله يذكر عن أهل الكتاب حديثا غير هذا ، قال : ثم يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض فيفسدون فيها ، ثم قرأ وهم من كل حدب ينسلون قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذا النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها ، قال : فتنتن الأرض منهم فيجار إلى الله فيرسل عليهم ماء فيطهر الأرض منهم ، ثم قال : يرسل الله ريحا زمهريرا باردة ، فلا تذر على الأرض مؤمنا إلا كفته تلك الريح ، قال : ثم تقوم الساعة على شرار الناس ، قال : ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه ، قال : والصور قرن ، قال : فلا يبقى خلق الله في السماء ولا في الأرض إلا مات إلا ما شاء ربك ، قال : ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون ، قال : فيرش الله ماء من تحت العرش كمني الرجال قال : فليس من ابن آدم خلق إلا في الأرض منه شيء قال : فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك الماء كمنابت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور قال : ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه ، قال : فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه ، قال : ثم يقومون فيحيون تحية رجل واحد قياما لرب العالمين ، ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق ممن يعبد من دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه فيلقى اليهود فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد عزيرا ، فيقول : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم ، قال : فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ، ثم قرأ عبد الله وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ثم يلقى النصارى فيقول : من تعبدون ؟ قالوا : نعبد المسيح ، قال : يقول : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم ، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ؛ قال : ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله وقفوهم إنهم مسئولون حتى يمر المسلمون فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله ولا نشرك به شيئا ؛ قال : فيقول : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون : [ ص: 677 ] سبحانه ، إذا تعرف لنا عرفناه ، قال : فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى أحد إلا خر لله ساجدا ، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد ؛ كأنما فيها السفافيد ، قال : فيقولون : قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون ، ويأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم ، قال : فيمر الناس زمرا على قدر أعمالهم ، أولهم كلمح البرق ، ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم كأسرع البهائم ثم كذلك حتى يمر الرجل سعيا ، وحتى يمر الرجل ماشيا ، وحتى يكون آخرهم رجل يتلبط على بطنه ، فيقول ، أبطأت بي ، فيقول : لم أبطئ ، إنما أبطأ بك عملك ، قال : ثم يأذن الله بالشفاعة فيكون أول شافع يوم القيامة روح القدس جبريل ، ثم إبراهيم خليل الرحمن ، ثم موسى أو عيسى لا أدري موسى أو عيسى ، ثم يقوم نبيكم رابعا لا يشفع أحد بعده فيما شفع فيه ، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت من النار أو بيت في الجنة ، وهو يوم الحسرة ، فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال : لو عملتم فتأخذكم الحسرة ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقولون : لولا أن من الله علينا لخسف بنا قال : ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون ، فيشفعهم الله ، قال : ثم يقول : أنا أرحم الراحمين ، قال : فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا فيه خير ، ثم قرأ عبد الله ما سلككم في سقر قال : وجعل يعقد حتى عد أربعا ، قالوا لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين ، حتى أتانا اليقين ، فما تنفعهم شفاعة الشافعين ثم قال عبد الله : أترون في هؤلاء خيرا ، ما يترك فيها أحد فيه خير ، فإذا أراد الله ، أن لا يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجيء الرجل من المؤمنين فيقول : يا رب ، فيقول : من عرف أحدا فليخرجه ، قال : فيجيء فينظر فلا يعرف أحدا ، قال : فيناديه الرجل : يا فلان ، أنا فلان ، فيقول ما أعرفك ، قال : فعند ذلك يقولون : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال : فيقول عند ذلك : اخسئوا فيها ولا تكلمون قال فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية