الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جماع أبواب الكنايات عن الطلاق والأسماء التي يكنى بها

                                                                                                                                                                              ذكر الكناية عن الطلاق بقوله: اعتدي

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقول لزوجته: اعتدي.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: تكون تطليقة، كذلك قال عبد الله بن مسعود، وعطاء، والنخعي، ومكحول، وبه قال الأوزاعي .

                                                                                                                                                                              7642 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو غسان، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: من أراد الطلاق الذي هو الطلاق فليمهل المرأة حتى إذا طهرت في غير جماع قال: اعتدي.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إن أراد طلاقا، فإن لم يرد طلاقا فليس بشيء.

                                                                                                                                                                              كذلك قال الحسن البصري، ومحمد بن إدريس الشافعي .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو عبيد هذا القول عن سفيان الثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، قال: إلا أن يكون في غضب أو جواب طلاق سألته إياه فلا يدين بنيته.

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول: إذا قال لها اعتدي، فذلك إلى نيته، إلا أن يقول: لم أنو شيئا فأراها واحدة. [ ص: 165 ]

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا قال لامرأته: اعتدي، سئل عن نيته، فإن لم ينو طلاقا فهي امرأته بعد أن يحلف، وإن نوى طلاقا فهي واحدة يملك الرجعة، وإن نوى ثلاثا فهي واحدة يملك الرجعة.

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن قال لامرأته: اعتدي، وأراد ثلاثا.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: تكون واحدة.

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن الشعبي، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن ذلك [إلى] نيته، ففي هذا القول إن أراد [ثلاثا] كان ثلاثا، هذا قول مالك والشافعي وإسحاق.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: اعتدي، اعتدي، اعتدي.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: هي ثلاث، إلا أن يقول: كنت أفهمها الأولى، فتكون كما قال، هذا قول قتادة .

                                                                                                                                                                              وقال الحكم وحماد: هي واحدة، وكذلك قال: إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ينوي واحدة، فهي واحدة.

                                                                                                                                                                              وكان مجاهد يقول: إن قال لم أرد بقولي: اعتدي، اعتدي، اعتدي إلا واحدة فإنه يدين، وإن أراد بالثلاث واحدة فهي واحدة، وإن كان أراد بكل واحدة تطليقة فقد بانت. [ ص: 166 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا على مذهب الشافعي، غير أن الشافعي قال: إن لم يرد طلاقا فليس بطلاق.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إن نوى تطليقة واحدة بهن جميعا فهو كذلك فيما بينه وبين الله، وأما في القضاء فهي ثلاث، ولا يسع لامرأته إذا سمعت ذلك منه أن تقيم معه، وإذا قال: نويت بالأولى الطلاق، والاثنتين عدة، فإنه مصدق على القضاء، وفيما بينه وبين الله.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق واعتدي، أو أنت طالق فاعتدي.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: إذا قال: أنت طالق واعتدي فهما ثنتان، وإن قال: أنت طالق فاعتدي فهي واحدة وهو أحق بها.

                                                                                                                                                                              هذا قول الحسن البصري.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: هي واحدة، وينوي في قوله: فاعتدي.

                                                                                                                                                                              هكذا قال الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد، وكذلك قال حماد بن أبي سليمان . وقال قتادة : إذا قال: أنت طالق فاعتدي فهما ثنتان. [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية