الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخلية والبرية والبائن والبتة يكنى بهن عن الطلاق

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت خلية أو برية أو بائن.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: هي ثلاث، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال الحسن البصري.

                                                                                                                                                                              وقال عبد الله بن عمر في الخلية والبرية والبتة: هي ثلاث.

                                                                                                                                                                              وروي عن زيد بن ثابت أنه قال في البرية: ثلاث.

                                                                                                                                                                              7643 - حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، قال: كان علي يجعل في الخلية والبرية والبتة والحرام ثلاثا.

                                                                                                                                                                              7644 - حدثنا موسى، حدثنا بشر بن بلال، حدثنا عبد الوارث، عن عطاء، عن أبي البختري، أن عليا قال في البرية والبائنة والبتة والحرام: ثلاث.

                                                                                                                                                                              7645 - حدثنا علي، حدثنا أبو عبيد، حدثنا يزيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حسان وخلاس بن عمرو، عن علي بن أبي طالب في الرجل يقول لامرأته: أنت مني خلية، أو برية، أو بائنة، قال: هي ثلاث ثلاث. [ ص: 168 ]

                                                                                                                                                                              قال قتادة : وكان الحسن يفتي بذلك.

                                                                                                                                                                              7646 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله، عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول في [الخلية] والبرية والبتة أنه كان يجعلها ثلاثا.

                                                                                                                                                                              7647 - حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: البرية والبتة والخلية ثلاث ثلاث.

                                                                                                                                                                              7648 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا سعيد، عن عمر [بن] عامر، عن حميد بن هلال، عن سعد بن هشام، عن زيد بن ثابت أنه قال في البرية: ثلاث.

                                                                                                                                                                              وقال عمر بن عبد العزيز في البتة: ثلاث. [ ص: 169 ]

                                                                                                                                                                              وقال الزهري في: أنت بائنة، وأنت برية، وأنت طالق البتة: حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، وقال في: أنت خلية، قال: تطليقة، وهو أملك بها.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: يعف عن الجواب في هذه الأحرف، قال: والذي يسبق إلى قلبي أنها ثلاث ثلاث.

                                                                                                                                                                              وحكي عن ابن أبي ليلى أنه قال في الخلية والبرية والبتة والبائنة أنها ثلاث ثلاث في المدخول بها، وكذلك قال أبو عبيد.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن قوله لامرأته: أنت خلية أو برية أو بائنة أو بتة ثلاثا للمدخول بها، كل واحدة منهن، ويدين في التي لم يدخل بها تطليقة واحدة أراد أم ثلاثا، فإن قال: واحدة، كان خاطبا من الخطاب.

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في البرية والخلية والبائنة بمنزلة البرية إن كان دخل بها فهي البتة، وإن لم يكن دخل بها فهي واحدة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث وهو: أنها واحدة، وهو أحق بها في البرية والبتة والبائنة.

                                                                                                                                                                              هذا قول عطاء، وكذلك قال الحسن والزهري وقتادة في الخلية.

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول في الخلية والبرية والبائن والبتة وما كان من هذه الألفاظ: كل واحد منها تطليقة، يملك الرجعة ولا يسأل عن نيته في شيء من ذلك.

                                                                                                                                                                              وفي البرية والبائنة والبتة والخلية قول رابع وهو: أنها واحدة بائنة.

                                                                                                                                                                              هذا قول النخعي . [ ص: 170 ]

                                                                                                                                                                              وروي عن الحسن أنه قال في الخلية: واحدة بائنة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس وهو: أن ذلك إلى نيته يدين.

                                                                                                                                                                              هذا قول إسحاق بن راهويه، وكذلك قال عمرو بن دينار.

                                                                                                                                                                              وفيه قول سادس وهو: أنه في ذلك كله غير مطلق حتى يقول: أردت بمخرج الكلام مني طلاقا، فيكون طلاقا بإرادة الطلاق مع الكلام [الذي] يشبه [الطلاق].

                                                                                                                                                                              هكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول سابع: في البتة والخلية والبرية والبائنة أنه لنيته في ذلك، فإن نوى ثلاثا فهي ثلاث، وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة، وهي أحق بنفسها، وإن شاء خطبها في عدتها، وإن نوى ثنتين فلأن يكون ثنتين هي واحدة، وهي أحق بنفسها.

                                                                                                                                                                              هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول؛ وذلك لأن كل كلمة يحتمل أن تكون [طلاقا] وغير طلاق لم يجز أن تلزم طلاقا وهو يحتمل غير الطلاق، إلا أن يقر المتكلم بها أنه أراد الطلاق، فيلزمه ذلك بإقراره، [ ص: 171 ] ولا يجوز إبطال نكاح قد أجمعوا على صحته إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية