الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة، ثم يفترقون عنه

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة، ثم يفترقون عنه، فقالت طائفة: إذا خطب الإمام، ثم نزل، فكبر ففزع الناس خلفه، فذهبوا إلا رجلين صلى ركعتين، وإن بقي معه رجل واحد صلى أربعا، هكذا قال الثوري. [ ص: 121 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن يصلي بهم إذا كان بقي معه اثنا عشر رجلا، هكذا قال إسحاق بن راهويه ، واحتج بحديث جابر الذي:

                                                                                                                                                                              1849 - حدثناه محمد بن إسماعيل ، قال: نا عفان ، قال: نا خالد، عن حصين ، عن أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله ، قال: " أقبلت عير يوم الجمعة، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانفتل الناس، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، قال: فأنزل الله عز وجل: ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ) ".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا الحديث يدل على إجازة أن تصلى الجمعة بأقل من أربعين رجلا.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن يصلي إذا خطب بهم، ثم دخل الصلاة ثم تفرقوا عنه صلاة الجمعة، وإن لم يبق معه إلا واحد، أو كان وحده؛ لأنه قد دخل في الصلاة وهي له ولهم جمعة، هذا قول أبي ثور ، قال: وإن تفرق الناس عن الإمام بعد الخطبة، فإن بقي معه ما يكون مثلهم جماعة، وذلك اثنان فصاعدا صلى الجمعة.

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إذا خطب بأربعين، ثم كبر، ثم انفضوا من حوله، ففيها قولان: أحدهما إن بقي معه اثنان، فصلى الجمعة أجزأته، والقول الثاني: لا يجزئه بحال، حتى يكون معه أربعون حين يدخل، وحين يكمل الصلاة. [ ص: 122 ]

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور عنه أنه قال: إذا دخل في الصلاة صلى الجمعة، وإن لم يبق إلا رجل واحد، وفي كتاب البويطي : وإن انفضوا عنه إلا رجلين، وهو الثالث أجزأه، وإن كان هو وآخر لم يجزه .

                                                                                                                                                                              وكان المزني يقول: والذي هو أشبه به عندي إن كان صلى ركعة، ثم انفضوا عنه صلى أخرى منفردا، قال: ومما يدل على ذلك من قوله: أنه لو صلى بهم ركعة، ثم أحدث، صلوا وحدانا ركعة، وأجزأتهم.

                                                                                                                                                                              وقال النعمان في الإمام يصلي الجمعة، فنفر الناس عنه قبل أن يركع ويسجد، قال: يستقبل الظهر، وإن نفر الناس عنه بعدما ركع وسجد سجدة بنى على الجمعة، وقال يعقوب، ومحمد : إذا افتتح الجمعة وهم معه، ثم نفر الناس وذهبوا صلى الجمعة على حاله [ ص: 123 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية