الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          [ ص: 85 ] المسألة الثالثة

          اختلفوا في الجرح والتعديل : هل يثبت بقول الواحد أو لا ؟

          فذهب قوم إلى أنه لا بد في التعديل والجرح من اعتبار العدد في الرواية والشهادة .

          وذهب آخرون إلى الاكتفاء بالواحد فيهما ، وهو اختيار القاضي أبي بكر [1] .

          والذي عليه الأكثر إنما هو الاكتفاء بالواحد في باب الرواية دون الشهادة وهو الأشبه .

          وذلك لأنه لا نص ولا إجماع في هذه المسألة يدل على تعيين أحد هذه المذاهب ، فلم يبق غير التشبيه والقياس .

          ولا يخفى أن العدالة شرط في قبول الشهادة والرواية ، والشرط لا يزيد في إثباته على مشروطه ، فكان إلحاق الشرط بالمشروط في طريق إثباته أولى من إلحاقه بغيره .

          وقد اعتبر العدد في قبول الشهادة دون قبول الرواية ، فكان الحكم في شرط كل واحد منها ما هو الحكم في مشروطه .

          فإن قيل : التزكية والتعديل شهادة ، فكان العدد معتبرا فيهما كالشهادة على الحقوق .

          قلنا ليس ذلك أولى من قول القائل بأنها إخبار ، فلا يعتبر العدد في قبولها كنفس الرواية .

          فإن قيل : إلا أن ما ذكرناه أولى لما فيه من زيادة الاحتياط .

          قلنا : بل ما يقوله الخصم أولى حذرا من تضييع أوامر الله تعالى ونواهيه .

          كيف وأن اعتباره قول الواحد في الجرح والتعديل أصل متفق عليه ، واعتبار ضم قول غيره إليه يستدعي دليلا ، والأصل عدمه ، ولا يخفى أن ما يلزم منه النفي الأصلي أولى مما يلزم منه مخالفته [2] .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية