الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 6436 ] وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا : حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، قال : قال أبو نصر - يعني عبد الوهاب - سئل الكلبي - وأنا شاهد عن قول الله عز وجل : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .

[ ص: 170 ] فقال : حدثنا أبو صالح عن عبد الرحمن بن غنم : أنه كان في مسجد دمشق مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم معاذ بن جبل ، فقال عبد الرحمن : يا أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، فقال معاذ بن جبل : اللهم غفرا أوما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حيث ودعنا ؟ : " إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرتكم هذه ولكن يطاع فيما تحتقرون من أعمالكم ، فقد رضي " .

فقال عبد الرحمن : أنشدك الله يا معاذ أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من صام رياء فقد أشرك ، ومن تصدق رياء فقد أشرك ، ومن صلى رياء فقد أشرك " .

فقال معاذ : لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .

قال : فشق على القوم ذلك واشتد عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أولا أفرجها عنكم ؟ " .

قال : فقالوا : بلى يا رسول الله فرج الله عنك الهم والأذى . قال : " هي مثل الآية التي في الروم : ( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ) " .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عمل رياء لم يكتب له ولا عليه "
.

قال الإمام أحمد رحمه الله : وهذا إن صح يشهد لما اختاره الحليمي من الوجه الآخر .

قوله : " فقد أشرك " يريد به - والله أعلم - فقد أشرك في إرادته بعمله غير الله فيقول الله عز وجل : " أنا منه بريء وهو للذي أشرك " .

[ 6437 ] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدثنا عثمان بن [ ص: 171 ] سعيد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله عز وجل : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .

أنزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، وليست هذه في المؤمنين ، وفي قوله : ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )

هم المنافقون كانوا يراؤون المؤمنين بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعونهم العارية بغضه لهم وهي " الماعون " . كذا رواه علي بن أبي طلحة .

[ 6438 ] وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ، حدثنا جدي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قال رجل : يا رسول الله ، إني أقف الموقف أريد وجه الله ، وأريد أن يرى موطني ، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .

ورواه عبدان عن ابن المبارك فأرسله ولم يذكر فيه ابن عباس .

[ ص: 172 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية