الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
366 - حدثنا أبو كامل فضيل بن الحسين الجحدري ، ثنا حماد بن زيد ، عن مطر الوراق ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، قال : " لما تكلم معبد بما تكلم به في شأن القدر ، أنكرنا ذلك ، قال : فحججت أنا ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ، فلما قضينا نسكنا ، قال لي : لو [ ص: 371 ] ملت بنا إلى المدينة ، فلقينا من بها من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عما جاء به معبد ، فقدمنا المدينة ، فدخلنا المسجد ، نؤم عبد الله بن عمر ، وأبا سعيد الخدري ، فإذا عبد الله بن عمر قاعد ، فاكتنفناه ، وقدمني حميد للمنطق ، وكنت أجرأ على المنطق منه ، فقلت :

أبا عبد الرحمن! ، إن قوما نشؤوا بالعراق عندنا ، قرؤوا القرآن ، وفقهوا في الإسلام ، يقولون : لا قدر ؟ !

قال : فإذا أنت لقيتهم ، فأخبرهم أن عبد الله بن عمر منكم بريء ، وأنتم منه براء ، والله لو أنفقوا جبال الأرض ذهبا ، ما قبله الله منهم ، حتى يؤمنوا بالقدر .

قال : وحدثني عمر ، أن آدم وموسى اختصما إلى الله ، فقال له موسى : أنت آدم الذي أشقيت الناس ، وأخرجتهم من الجنة ؟ ! فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، وأنزل عليك التوراة! ، قال : نعم ، قال : فوجدته قدره علي قبل أن يخلقني ؟ ! قال : نعم! قال : فحج آدم موسى .

قال : وحدثني عمر ، قال : " بينا نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إذ جاءه رجل ، هيئته هيئة مسافر ، وثيابه ثياب مقيم ، أو قال : هيئته هيئة مقيم ، وثيابه ثياب مسافر ، قال : يا رسول الله! ، أدنو منك ؟ ! قال : " نعم! " فدنا منه ، [ ص: 372 ] حتى وضع يديه على ركبتيه ، فقال : يا رسول الله! ، ما الإسلام ؟ ! قال : " أن تسلم وجهك لله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " ، قال : فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت ؟ ! قال : " نعم! " قال : صدقت ، قال : قلنا : انظروا كيف يسأله ؟ وكيف يصدقه ؟ ! ، فقال : يا رسول الله! ، ما الإحسان ؟ ! قال : " أن تخشى الله ، أو تعبد الله ؛ كأنك تراه ، فإنك إن لا تكن تراه ، فإنه يراك " ، قال : صدقت .

قال : قلنا : انظروا كيف يسأله ، وكيف يصدقه ؟ ! ، فقال : يا رسول الله! ، ما الإيمان ؟ ! قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، والموت والبعث ، والجنة والنار ، وبالقدر كله " . قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت ؟ ! قال : " نعم! " قال : صدقت ، قال : قلنا : انظروا كيف يسأله ، وكيف يصدقه!!

قال مطر : وحدثني شهر ، عن أبي هريرة : " وبالقدر كله ، خيره وشره " .

ثم قال : يا رسول الله! ، متى الساعة ؟ ! قال : " ما المسئول عنها ، بأعلم من السائل " ، ثم ولى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " علي الرجل " ، فطلب ، فما وجدوه ، فقال : [ ص: 373 ] " هذا جبريل ، جاء ليعلم الناس دينهم " .


التالي السابق


الخدمات العلمية