الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ويجب على المعتمر فيما أصاب في عمرته من صيد ومن غيره مثل ما يجب عليه في ذلك لو أصابه في حجته ، وسواء كان أصابه على جهل كان منه أنه حرام عليه في عمرته ، [ ص: 222 ] أو أصابه على علم منه أنه حرام عليه مما يجب عليه من الكفارات ، لا يختلف ذلك وإن كان إثما في العلم ، وغير إثم فيما سواه .

                  فإن قال قائل : وكيف يكون ذلك كذلك ، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل في حديث يعلى بكفارة لما كان منه ؟

                  قيل له : قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك لأن الرجل ممن لم تكن الحجة قامت عليه قبل انتهاكه الحرمة التي كان فيها .

                  وقد يجوز أن يكون الفرض في اجتناب ذلك في العمرة إنما كان بعد سؤال ذلك الرجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبل جواب النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما أجابه به فنظرنا في ذلك ، فوجدنا أحمد بن الحسن بن القاسم الكوفي :

                  1615 - قد حدثنا ، قال حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، عن همام بن يحيى ، قال : سمعت عطاء بن أبي رباح ، قال : سمعت صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة ، وعليه ردع من خلوق ، أو قال : أثر صفرة ، فقال : يا رسول الله ، ما تأمرني في عمرتي ؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل على نبي الله صلى الله عليه وسلم الوحي .

                  قال : وكان يعلى يقول : لوددت أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل عليه الوحي ، فقال له عمر : أيسرك أن ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل عليه الوحي ؟ فرفع طرف الثوب ، قال : فنظرت إليه وله غطيط قال : أحسبه ، قال : كغطيط البكر .

                  قال : فلما سري عنه ، قال : أين السائل ؟ قال : اخلع الجبة ، واغسل عنك أثر الخلوق ، أو قال : أثر الصفرة ، واصنع في عمرتك كما صنعت في حجتك .


                  ووجدنا إبراهيم بن مرزوق :

                  1616 - قد حدثنا ، قال حدثنا حبان بن هلال ، قال حدثنا همام ، قال حدثنا عطاء ، عن صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 223 ] وعليه جبة ، وعليه أثر خلوق ، أو صفرة ، وهو بالجعرانة ، فقال : كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي ، فستر بثوب ، وكان يعلى يقول : وددت أني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الوحي فقال له عمر رضي الله عنه : يسرك أن تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الوحي ؟ فرفع طرف الثوب فنظرت إليه ، وله غطيط كغطيط البكر فلما سري عنه ، قال : أين السائل عن العمرة ؟ اخلع عنك الجبة ، أو اغسل عنك أثر الخلوق أو الصفرة ، واصنع في عمرتك ما صنعت في حجك .

                  فعقلنا بذلك أن أحكام العمرة تحريم اللباس ، والطيب فيها ، ورد حكمها فيهما إلى حكم الحجة ، إنما طرأ على فعل السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يعلى بن أمية ، فلم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة لذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية