الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                6 - الإبراء لا يتوقف على القبول 7 - إلا في الإبراء في بدل الصرف والسلم [ ص: 93 ] كما في البدائع

                التالي السابق


                ( 6 ) قوله : الإبراء لا يتوقف على القبول .

                في الملتقط خمس مسائل لا يحتاج فيها إلى القبول : الإقرار إذا سكت جاز وإن قال المقر له لا أقبل أو ليس لي عليك شيء بطل .

                الثانية الإبراء ، إذا قال لا أقبل بطل وإن سكت جاز .

                الثالثة إذا وكله ببيع عبده فسكت الوكيل وباع جاز ولو قال لا أقبل بطل .

                الرابعة إذا وهب دينا ممن له عليه دين فسكت جاز وإن قال لا أقبل بطل .

                الخامسة إذا قال جعلت أرضي وقفا على فلان فسكت فلان جاز وإن قال لا أقبل بطل عند هلال وفي وقف الأنصاري لا يبطل ( انتهى ) .

                من كتاب الإقرار وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة نقلا عن أبي زيد الدبوسي : الصدقة بالواجب في الذمة إسقاط كصدقة الدين على الغريم وهبة الدين له فيتم بغير قبول وكذا سائر الإسقاط يتم بغير القبول إلا إذا كان فيه تمليك مال من وجه فيقبل الارتداد بالرد وما ليس فيه تمليك مال لم يقبل كإبطال حق الشفعة والطلاق وهذا ضابط جيد فليحفظ ( انتهى ) . ( 7 ) قوله : إلا في الإبراء في بدل الصرف والسلم .

                والفرق بينهما وبين سائر [ ص: 93 ] الديون هو أن الإبراء عنهما يوجب انفساخ عقدهما ; لأنه يوجب فوات القبض المستحق بعقدهما ; لأن قبض بدل الصرف ورأس مال السلم مستحق فالهبة والإبراء يسقطان بدلهما ويفوتان القبض المستحق ، وفواته يوجب بطلان العقد وإذا ثبت أن هبة بدل الصرف والسلم والإبراء عنهما ينقض عقدهما لم ينفرد أحد المتعاقدين به فيتوقف على قبول الآخر لذلك بخلاف الإبراء عن سائر الديون ; لأنه ليس فيه معنى الفسخ لعقد ثابت وإنما فيه معنى التمليك من وجه ومعنى الإسقاط من وجه ; وعلى هذا إذا أبرأ رب السلم المسلم إليه عن المسلم فيه يتوقف على قبوله ; لأنه به يفوت القبض المستحق بعقد السلم كذا في الذخيرة .

                أقول يزاد على ما استثنى مسألة أخرى يتوقف فيها الإبراء على القبول حقيقة أو حكما وهي ما لو أبرأ الطالب الأصيل فإنه يتوقف على قبوله أو يموت قبل القبول فيكون قبولا حكما .

                ذكره في السراج وغيره فإن رد الأصيل هذا الإبراء يرتد بالرد وفي دعوى الكفالة به روايتان كما في الجوهرة . ( 8 ) قوله : كما في البدائع .

                عبارتها : الإبراء عن رأس المال يتوقف على قبول رب السلم فإن قبل انفسخ العقد بخلاف الإبراء عن المسلم فيه فإنه جائز بدون قبول المسلم إليه ; لأنه ليس فيه إسقاط شرط ، بخلاف الإبراء عن ثمن المبيع فإنه صحيح بدون قبول المشتري لكنه يرتد بالرد ولا يجوز الإبراء عن المبيع ; لأنه عين وإسقاط العين لا يصح ( انتهى ) .

                قال المصنف رحمه الله وظاهره يخالف ما في التجنيس حيث قال رجل أسلم إلي رجل كر حنطة فقال رب السلم للمسلم إليه أبرأتك عن نصف المسلم فيه وقبل المسلم إليه وجب عليه رد نصف المال إليه ; لأن السلم نوع بيع وفي البيع من اشترى شيئا ثم قال المشتري للبائع قبل القبض وهبت منك نصفه فقبل البائع كانت إقالة في النصف بنصف الثمن فكذا هذا إذ الحط بمنزلة الهبة ( انتهى ) .

                وذكر في الذخيرة في مسألة الإبراء عن نصف المسلم فيه هو إقالة فيرد ما قابله أو حط له فلا يرد وبه اندفع الإشكال وذكر قولين أيضا فيما إذا أبرأه عن الكل .




                الخدمات العلمية