الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                12 - الخلف في الوعد حرام كذا في أضحية الذخيرة [ ص: 237 ] وفي القنية .

                وعده أن يأتيه فلم يأته لا يأثم 14 - ولا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقا 15 - كما في كفالة البزازية ، 16 - وفي بيع الوفاء كما ذكره الزيلعي .

                التالي السابق


                ( 12 ) قوله : الخلف في الوعد حرام .

                قال السبكي : ظاهر الآيات والسنة تقتضي وجوب الوفاء ، وقال صاحب العقد الفريد في التقليد : إنما يوصف بما ذكر أي بأن خلف الوعد نفاق إذا قارن الوعد العزم على الخلف كما في قول المذكورين في آية { لئن أخرجتم لنخرجن معكم } فوصفوا بالنفاق لإبطانهم خلاف ما أظهروا وأما من عزم على الوفاء ثم بدا له فلم يف بهذا لم يوجد منه صورة نفاق كما في الإحياء من حديث طويل عند أبي داود والترمذي مختصرا بلفظ { إذا وعد الرجل أخاه ، ومن نيته أن يفي فلم يف فلا إثم عليه } ( انتهى ) .

                وقيل : عليه فيه بحث فإن أمر { أوفوا بالعقود } مطلق فيحمل عدم الإثم في الحديث على ما إذا منع مانع من الوفاء .

                [ ص: 237 ] قوله : وفي القنية وعده أن يأتيه لا يأثم .

                قال بعض الفضلاء فإن قيل : ما وجه التوفيق بين هذين القولين فإن الحرام يأثم بفعله وقد صرح في القنية بنفي الإثم ، قلت : يحمل الأول على ما إذا وعد وفي نيته الخلف فيحرم ; لأنه من صفات المنافقين والثاني على ما إذا نوى الوفاء وعرض مانع ( انتهى ) .

                أقول في الدرر والغرر من كتاب العارية ما يفيد أن خلف الوعد مكروه .

                ( 14 ) قوله : ولا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقا .

                قال بعض الفضلاء : لأنه إذا كان معلقا يظهر منه معنى الالتزام كما في قوله إن شفيت أحج فشفي يلزمه ، ولو قال : أحج لم يلزمه بمجرده .

                ( 15 ) قوله : كما في كفالة البزازية .

                حيث قال في الفصل الأول من كتاب الكفالة : الذهب الذي لك على فلان أنا أدفعه أو أسلمه إليك أو اقبضه مني لا يكون كفالة ما لم يقل لفظا يدل على اللزوم كضمنت أو كفلت أو علي أو إلي وهذا إذا ذكره منجزا أما إذا ذكره معلقا بأن قال : إن لم يؤد فلان فأنا أدفعه إليك ونحوه يكون كفالة لما علم أن المواعيد باكتساب صورة التعليق تكون لازمة ( انتهى ) .

                ومثله في التتارخانية وفي البحر للمصنف نقلا عن الفتاوى الظهيرية والولوالجية : ولو قال : إن عوفيت صمت كذا لم يجب عليه حتى يقول : لله علي ، وهذا قياس ، وفي الاستحسان يجب فإن لم يكن تعليقا فلا يجب عليه قياسا واستحسانا نظيره ما إذا قال : أنا أحج لا شيء عليه ولو قال إن فعلت كذا فأنا أحج ففعل ذلك يلزمه ذلك ( انتهى ) .

                أقول على ما هو الاستحسان يكون الواجب بإيجاب العبد شيئين نذر ووعد مقترن بتعليق فاستفده فإنه بالقبول حقيق بقي أن يقال في مثل إن جئتني أكرمك فجاءه هل يكون الإكرام على المعلق واجبا ديانة وقضاء أو ديانة فقط ؟ محل نظر .

                ( 16 ) قوله : وفي بيع الوفاء .

                عطف على ما دخلت عليه إلا باعتبار المعنى والتقدير : ولا يلزم الوعد إلا في التعليق وفي بيع الوفاء وإن لم يكن معلقا




                الخدمات العلمية