الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 292 ] القسم الرابع في الخصائص والكرامات ) .

1565 - ( 1 ) - قوله : روي أنه { تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضا ، فقال : الحقي بأهلك } الحاكم في المستدرك من حديث كعب بن عجرة وفيه : أنها من بني غفار ، وفي إسناده جميل بن زيد وقد اضطرب فيه وهو ضعيف ، فقيل عنه هكذا ، وقيل : عن ابن عمر ، وقيل : عن زيد بن كعب أو كعب بن زيد ، وأخرجه ابن عدي والبيهقي . وقال الحاكم : اسمها أسماء بنت النعمان ، وقلت : والحق أنها غيرها ، فإن بنت النعمان هي الجونية كما مضى .

حديث الأشعث بن قيس : { أنه نكح المستعيذة في زمان عمر بن الخطاب ، فأمر برجمها فأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فارقها قبل أن يمسها ، فخلاهما }. هذا الحديث تبع في إيراده هكذا الماوردي ، والغزالي ، وإمام الحرمين ، والقاضي الحسين ، ولا أصل له في كتب الحديث .

نعم روى أبو نعيم في المعرفة في ترجمة قتيلة من حديث داود عن الشعبي مرسلا . وأخرجه البزار من وجه آخر عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موصولا ، وصححه ابن خزيمة والضياء من طريقه في المختار : { أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق قتيلة بنت قيس أخت الأشعث ، طلقها قبل الدخول ، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل ، فشق ذلك على أبي بكر ، فقال له عمر : يا خليفة رسول الله إنها ليست من نسائه ، لم يحزها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد برأها الله منه بالردة }. وكانت قد ارتدت مع قومها ثم أسلمت ، فسكن أبو بكر .

وروى الحاكم من طريق هشام بن الكلبي ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية ، فأراد عمر أن يعاقبها ، فقالت : والله ما ضرب علي الحجاب ، ولا سميت أم المؤمنين ، فكف عنها .

وروى الحاكم بسنده إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى : أنه تزوج حين [ ص: 293 ] قدم عليه وفد كندة قتيلة بنت قيس أخت الأشعث ، ولم تدخل عليه ، فقيل : إنه أوصى أن تخير فاختارت النكاح ، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت ، فبلغ ذلك أبا بكر ، فقال : " لقد هممت بأن أحرق عليهما ، فقال عمر : ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها ولا ضرب عليها الحجاب ، فسكن " .

وروى البيهقي بإسناده إلى الزهري قال : " بلغنا أن العالية بنت ظبيان التي طلقها تزوجت قبل أن يحرم الله نساءه ، فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم " . قوله : ولا يقال لبناتهن : أخوات المؤمنين ، ولا لأخواتهن : خالات المؤمنين . قلت : فيه أثر عن عائشة قالت : أنا أم رجالكم ، ولست أم نسائكم " أخرجه البيهقي .

قوله : وأما غيرهن فيجوز أن يسألن مشافهة بخلافهن ، قلت : إن كان المراد السؤال عن العلم فمردود ، فإنه ثابت في الصحيح أنهم كانوا يسألون عائشة عن الأحكام والأحاديث مشافهة ، أو لعله أراد بقوله مشافهة مواجهة فيتجه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية