الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2182 - ( 19 ) - قوله : وردت أخبار كثيرة مشهورة في السلام وإفشائه . هو كما قال ، فمنها : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : { أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن ولم تعرف }. متفق عليه . [ ص: 175 ] ومنها حديث أبي هريرة { لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم }. أخرجه مسلم وأصحاب السنن عدا النسائي ، وعن الزبير بن العوام عند البزار بإسناد حسن . ومنها : حديث البراء : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع : إفشاء السلام }. الحديث متفق عليه ، ولابن حبان من حديثه : { أفشوا السلام تسلموا }.

ومنها : حديث عبد الله بن عمر : { واعبدوا الرحمن ، وأفشوا السلام ، وأطعموا الطعام . تدخلوا الجنة }. رواه ابن حبان والترمذي . ومنها : حديث عبد الله بن سلام : { يا أيها الناس ; أفشوا السلام ، وأطعموا [ ص: 176 ] الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام }. رواه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم .

ومنها : حديث أبي شريح باللفظ المذكور رواه ابن حبان أيضا ، وعن أبي هريرة قال : { إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ، أو جدار ، أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضا }. رواه أبو داود من رواية أبي مريم عنه موقوفا ، من رواية عبد الوهاب بن بخت ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا ، وعن أنس بن مالك قال : { كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرق بيننا شجرة ، فإذا التقينا سلم بعضنا على بعض }. رواه الطبراني بإسناد حسن ، ومنها : حديث أبي أمامة ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام }. رواه أبو داود والترمذي وحسنه . ومنها : أحاديث أبي أيوب ، وعبد الله بن عمرو ، وعلي ، وأبي هريرة ، وستذكر بعد قليل ، وعن أبي شريح أنه قال : { يا رسول الله ; أخبرني بشيء يوجب الجنة قال : طيب الكلام ، وبذل السلام ، وإطعام الطعام }. رواه ابن حبان والطبراني والحاكم ، وفي رواية للطبراني : قلت : { يا رسول الله ; دلني على عمل [ ص: 177 ] يدخلني الجنة . قال : إن من موجبات المغفرة : بذل السلام وحسن الكلام }.

وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفشوا السلام كي تسلموا }. وعن ابن مسعود مرفوعا ، قال : { السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض ، فأفشوه بينكم ، فإن الرجل المسلم إذا هو يقدم فسلم عليهم ، فردوا عليه ، كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام ، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم }. رواه البزار بإسناد جيد ، وعن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبخل الناس من بخل بالسلام }. رواه الطبراني في معجميه ، وله في الأوسط من حديث أبي هريرة مرفوعا : { أعجز الناس من عجز في الدعاء ، وأبخل الناس من بخل بالسلام }.

2183 - ( 20 ) - قوله : ورد في الخبر النهي عن السلام على قاضي الحاجة . ابن ماجه من حديث جابر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل وهو يبول ، فسلم عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي ، فإنك إن فعلت لم أرد عليك }.

وروى مسلم من حديث الضحاك بن عثمان ، عن نافع ، عن ابن عمر : { أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول ، فلم يرد عليه }.

ورواه البزار ، وأبو العباس السراج ، وأبو محمد بن الجارود ، من رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر نسبه السراج ، عن نافع ، عن ابن عمر : { أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول ، فرد عليه ، ثم قال له : إذا رأيتني هكذا ، فلا تسلم علي ، فإنك إن تفعل لا أرد عليك }. زاد السراج : { إنه لم يحملني على السلام عليك إلا أني خشيت أن تقول : سلمت عليه فلم يرد علي السلام }. ورواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، [ ص: 178 ] عن أبي بكر بن عبد الرحمن نحوه ، وقال عبد الحق : حديث مسلم أصح ، ثم قال : لعله كان ذلك في موطنين ، وعن المهاجر بن قنفد قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي حتى توضأ ، ثم اعتذر إلي ، فقال : إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر }. رواه أبو داود والنسائي والحاكم .

2184 - ( 21 ) - قوله : " والمستحب أن يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والطائفة القليلة على الكثيرة " . قلت : هو لفظ حديث أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة بلفظ : { والقليل على الكثير }. وفي رواية : { يسلم الصغير على الكبير }.

2185 - ( 22 ) - قوله : والانحناء لا أصل له في الشرع ، كأنه يشير إلى حديث أنس قال : { قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال : لا قال : أفيلزمه ويقبله ؟ قال : لا قال : فيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال : نعم }. رواه الترمذي وحسنه .

2186 - ( 23 ) - ( فائدة ) قال في الروضة من زياداته : وأما حديث : { السلام قبل الكلام }. فضعيف ، انتهى . وله طريقان أحدهما في الترمذي عن [ ص: 179 ] جابر ، وقال : منكر ، وثانيهما عن ابن عمر أخرجه ابن عدي في الكامل ، بإسناده لا بأس به

التالي السابق


الخدمات العلمية