الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
922 - ( 49 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي جاءه وقد واقع : { صم شهرين }. فقال : وهل أتيت إلا من قبل الصوم ، . هذا اللفظ لا يعرف ، قاله ابن الصلاح ، وقال : إن الذي وقع في الروايات أنه لا يستطيع ذلك ، انتهى . وهذه غفلة عما أخرجه البزار من طريق محمد بن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن حميد ، عن أبي هريرة ، فذكر الحديث وفيه قال : { صم شهرين متتابعين قال : يا رسول الله ، هل لقيت ما لقيت إلا من الصيام } ، ويؤيد ذلك ما ورد في حديث سلمة بن صخر ، عند أبي داود في قصة المظاهر من زوجته أنه قال : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ، . على قول من يقول إنه هو المجامع .

قوله : لأن النص ورد في المجامع . والأكل ، والشرب لا يقتضي الكفارة ، مقتضاه أنه لم يرد فيهما نص ، وليس كذلك ، بل أخرجه الدارقطني من طريق محمد بن كعب ، عن أبي هريرة أن رجلا أكل في رمضان ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة - الحديث - لكن إسناده ضعيف لضعف أبي معشر راويه عن محمد بن كعب ، وقد جاء في رواية مالك وجماعة ، عن الزهري في الحديث المشهور : { أن رجلا قال : أفطرت في رمضان } ، لكن حمل على الفطر بالجماع جمعا بين الروايات ، قال البيهقي : رواه عشرون من حفاظ أصحاب الزهري بذكر الجماع .

قوله : ويحمل قصة الأعرابي على خاصته وخاصة أهله ، قال الإمام : وكثيرا ما كان يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الأضحية ، وإرضاع الكبير ونحوهما ، ومراده بالأضحية قصة أبي بردة بن نيار خال البراء بن عازب ، وسيأتي في [ ص: 398 ] بابه ، وبإرضاع الكبير قصة سالم مولى أبي حذيفة وهي في صحيح مسلم { عن عائشة قالت : جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أرضعيه تحرمي عليه }. وفي رواية له عن أم سلمة أنها كانت تقول : أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا ، وقلن : ما نرى هذه إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة " .

قوله : في صرف الكفارة إلى عياله ، والأصح المنع ، وأما الحديث فلا نسلم أن الذي أمره بصرفه إليهم كفارة إلى آخر كلامه ، وتعقب بأن الدارقطني أخرج من طريق أهل البيت إلى علي بن أبي طالب { أن رجلا قال : يا رسول الله ، هلكت - فذكر الحديث إلى أن قال - فقال : انطلق فكله أنت وعيالك ، فقد كفر الله عنك }لكن الحديث ضعيف ; لأن في إسناده من لا تعرف عدالته .

قوله : السقوط عند العجز ، احتج له بأنه صلى الله عليه وسلم لما أمر الأعرابي بأن يطعمه هو وعياله ، لم يأمره بالإخراج في ثاني الحال ، ولو وجب لبينه ، نازع في ذلك ابن عبد البر فقال : ولم يقل له : سقطت عنك لعسرك بعد أن أخبره بوجوبها عليه ، وكل ما وجب أداؤه في اليسار لزم الذمة إلى الميسرة .

( تنبيه ) :

سبق الزهري إلى دعوى الخصوصية بالأعرابي فيما أخرجه أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية