الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
958 - ( 6 ) [ ص: 425 ] حديث : روي { أنه صلى الله عليه وسلم قال : من لم يحبسه مرض ، أو مشقة ظاهرة ، أو سلطان جائر فلم يحج ، فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا }. هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ، وقال العقيلي والدارقطني : لا يصح فيه شيء .

قلت : وله طرق : أحدها : أخرجه سعيد بن منصور في السنن وأحمد ، وأبو يعلى ، والبيهقي من طرق عن شريك ، عن ليث بن أبي سليم ، عن ابن سابط عن أبي أمامة بلفظ : { من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة } ، والباقي مثله ، لفظ البيهقي ، ولفظ أحمد : { من كان ذا يسار فمات ولم يحج } - الحديث - وليث ضعيف ، وشريك سيئ الحفظ ، وقد خالفه سفيان الثوري فأرسله ، رواه أحمد في كتاب الإيمان له عن وكيع ، عن سفيان ، عن ليث ، عن ابن سابط قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يحج ، ولم يمنعه من ذلك مرض حابس ، أو سلطان ظالم ، أو حاجة ظاهرة }فذكره مرسلا . وكذا ذكره ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص عن ليث مرسلا ، وأورده أبو يعلى من طريق أخرى عن شريك مخالفة للإسناد الأول ، وراويها عن شريك عمار بن مطر ضعيف . الثاني : عن علي بن أبي طالب مرفوعا : { من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج ، فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا } ، وذلك لأن الله قال في كتابه { : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }ورواه الترمذي وقال : غريب وفي إسناده مقال والحارث يضعف ، وهلال بن عبد الله الراوي له عن أبي إسحاق مجهول ، وسئل إبراهيم الحربي عنه ، فقال : من هلال ؟ وقال ابن عدي : يعرف بهذا الحديث ، وليس الحديث بمحفوظ ، وقال العقيلي : لا يتابع عليه ، وقد روي عن علي موقوفا ولم يرو مرفوعا من طريق أحسن من هذا . وقال المنذري : طريق أبي أمامة على ما فيها أصلح من هذه . [ ص: 426 ] الثالث عن أبي هريرة رفعه : { من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس ، أو حاجة ظاهرة ، أو سلطان جائر ، فليمت أي الميتتين شاء ، إما يهوديا أو نصرانيا }. رواه ابن عدي من حديث عبد الرحمن القطائي ، عن أبي المهزم وهما متروكان ، عن أبي هريرة ، وله طريق صحيحة ; إلا أنها موقوفة رواها سعيد بن منصور ، والبيهقي .

عن عمر بن الخطاب قال : " لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فينظروا كل من له جدة ولم يحج ، فيضربوا عليه الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين " . لفظ سعيد ، ولفظ البيهقي : أن عمر قال : " ليمت يهوديا أو نصرانيا " . يقولها ثلاث مرات ، رجل مات ولم يحج ووجد لذلك سعة وخليت سبيله قلت : وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط ، علم أن لهذا الحديث أصلا ، ومحمله على من استحل الترك ، وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية