الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
121 - ( 25 ) - قوله : ومن المندوبات { أن يقول بعد الوضوء مستقبلا القبلة : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك } مسلم . وأبو داود [ ص: 176 ] وابن حبان ، من حديث عقبة بن عامر ، عن عمر ببعضه : { من توضأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء }ورواه الترمذي من وجه آخر ، عن عمر وزاد فيه : { اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين }وقال : في إسناده اضطراب ولا يصح فيه شيء كبير ، قلت : لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض ، والزيادة التي عنده رواها البزار والطبراني في الأوسط ، من طريق ثوبان ، ولفظه : { من دعا بوضوء فتوضأ ، فساعة فرغ من وضوئه يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين }الحديث ، ورواه ابن ماجه من حديث أنس .

وأما قوله : { سبحانك اللهم }إلى آخره فرواه النسائي في عمل اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد الخدري ، بلفظ : { من توضأ فقال : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ، ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة }واختلف في وقفه ورفعه ، وصحح النسائي الموقوف ، وضعف الحازمي الرواية المرفوعة ، لأن الطبراني قال في الأوسط : لم يرفعه عن شعبة ; إلا يحيى بن كثير ، قلت : رواه أبو إسحاق المزكي في الجزء الثاني تخريج الدارقطني له ، من طريق روح بن القاسم ، عن شعبة ، وقال : تفرد به عيسى بن شعيب ، عن روح بن القاسم ، قلت : ورجح الدارقطني في العلل : الرواية الموقوفة أيضا . [ ص: 177 ] تنبيهان ) أحدهما : قول الرافعي : مستقبل القبلة لم يرد في الأحاديث التي قدمناها ، لكن يستأنس لها بما في لفظ رواية البزار ، عن ثوبان ، { من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم رفع طرفه إلى السماء }الحديث ، قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام : رفع الطرف إلى السماء ، للتوجه إلى قبلة الدعاء ، ومهابط الوحي ، ومصادر تصرف الملائكة .

الثاني : قال النووي في الأذكار والخلاصة : إن حديث أبي سعيد هذا ضعيف . وقال في شرح المهذب : رواه النسائي في عمل اليوم والليلة ، بإسناد غريب ضعيف ، رواه مرفوعا وموقوفا عن أبي سعيد ، وكلاهما ضعيف ، هذا لفظه ، فأما المرفوع : فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ ، وأما الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته ، فإن النسائي قال فيه : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن كثير ، ثنا شعبة ، ثنا أبو هاشم ، وقال ابن أبي شيبة : ثنا وكيع ، ثنا سفيان ، عن أبي هاشم الواسطي ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عنه وهؤلاء من رواة الصحيحين ، فلا معنى لحكمه عليه بالضعف ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية