الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فصل : ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالسنة تفسر القرآن ، وتبينه ، وتدل عليه ، وتعبر عنه ، وما وصف الرسول به ربه عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول ؛ وجب الإيمان بها كذلك ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( ثم في سنة رسول الله ) عطف على قوله فيما تقدم : ( وقد دخل في هذه الجملة ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص . . إلخ ) ؛ يعنى : ودخل فيها ما وصف به الرسول صلى الله عليه وسلم ربه فيما وردت به السنة الصحيحة .

      والسنة هي الأصل الثاني الذي يجب الرجوع إليه ، والتعويل عليه بعد كتاب الله عز وجل ؛ قال تعالى : وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة .

      والمراد بالحكمة : السنة .

      وقال : ويعلمهم الكتاب والحكمة .

      وقال آمرا لنساء نبيه : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة .

      [ ص: 196 ] وقال سبحانه : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .

      وقال صلوات الله وسلامه عليه وآله : ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه .

      وحكم السنة حكم القرآن في ثبوت العلم واليقين والاعتقاد والعمل ؛ فإن السنة توضيح للقرآن ، وبيان للمراد منه : تفصل مجمله ، وتقيد مطلقه ، وتخصص عمومه ؛ كما قال تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم .

      وأهل البدع والأهواء بإزاء السنة الصحيحة فريقان :

      1 - فريق لا يتورع عن ردها وإنكارها إذا وردت بما يخالف مذهبه ؛ بدعوى أنها أحاديث آحاد لا تفيد إلا الظن ، والواجب في باب الاعتقاد اليقين ، وهؤلاء هم المعتزلة والفلاسفة .

      2 - وفريق يثبتها ويعتقد بصحة النقل ، ولكنه يشتغل بتأويلها ؛ كما يشتغل بتأويل آيات الكتاب ، حتى يخرجها عن معانيها الظاهرة إلى ما [ ص: 197 ] يريده من معان بالإلحاد والتحريف ، وهؤلاء هم متأخروا الأشعرية ، وأكثرهم توسعا في هذا الباب الغزالي ، والرازي .

      قوله : ( وما وصف الرسول به . . ) إلخ ؛ يعني : أنه كما وجب الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ؛ كذلك يجب الإيمان بكل ما وصفه به أعلم الخلق بربه وبما يجب له ، وهو رسوله الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه وآله .

      قوله : ( كذلك ) ؛ أي : إيمانا مثل ذلك الإيمان ، خاليا من التحريف والتعطيل ، ومن التكييف والتمثيل بل إثبات لها على الوجه اللائق بعظمة الرب جل شأنه .




      الخدمات العلمية