الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية ، وأهل التمثيل المشبهة ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( فهم وسط في باب صفات الله . . ) إلخ ؛ يعني : أن أهل السنة والجماعة وسط في باب الصفات بين من ينفيها ويعطل الذات العلية عنها ، ويحرف ما ورد فيها من الآيات والأحاديث عن معانيها الصحيحة إلى ما يعتقده هو من معان بلا دليل صحيح ، ولا عقل صريح ؛ كقولهم : رحمة الله : إرادته الإحسان ، ويده : قدرته ، وعينه : حفظه ورعايته ، واستواؤه على العرش : استيلاؤه . . إلى أمثال ذلك من أنواع النفي والتعطيل التي أوقعهم فيها سوء ظنهم بربهم ، وتوهمهم أن قيام هذه الصفات به لا يعقل إلا على النحو الموجود في قيامها بالمخلوق .

      [ ص: 219 ] ولقد أحسن القائل حيث يقول :


      وقصارى أمر من أول أن ظنوا الظنونا فيقولون على الرحمن ما لا يعلمونا

      وإنما سمي أهل التعطيل جهمية نسبة إلى الجهم بن صفوان الترمذي رأس الفتنة والضلال ، وقد توسع في هذا اللفظ حتى أصبح يطلق على كل من نفى شيئا من الأسماء والصفات ، فهو شامل لجميع فرق النفاة ؛ من فلاسفة ، ومعتزلة ، وأشعرية ، وقرامطة باطنية .

      فأهل السنة والجماعة وسط بين هؤلاء الجهمية النفاة وبين أهل التمثيل المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه ، ومثلوه بعباده .

      وقد رد الله على الطائفتين بقوله : ليس كمثله شيء ، فهذا يرد على المشبهة ، وقوله : وهو السميع البصير يرد على المعطلة .

      وأما أهل الحق ؛ فهم الذين يثبتون الصفات لله تعالى إثباتا بلا تمثيل ، وينزهونه عن مشابهة المخلوقات تنزيها بلا تعطيل ، فجمعوا أحسن ما عند الفريقين ؛ أعني التنزيه والإثبات ، وتركوا ما أخطئوا وأساءوا فيه من التعطيل والتشبيه .




      الخدمات العلمية