الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو جنى أجنبي على المبيع فاختار المشتري اتباع الجاني بالضمان كان اختياره بمنزلة القبض عند أبي يوسف ، وعند محمد لا يكون حتى لو توى الضمان على الجاني بأن مات مفلسا كان التوى على المشتري ، ولا يبطل البيع عند أبي يوسف ، ويتقرر عليه الثمن ، وعند محمد يبطل البيع ، والتوى على البائع ، ويسقط الثمن عن المشتري وكذا لو استبدل المشتري الضمان ليأخذ مكانه من الجاني شيئا آخر جاز عند أبي يوسف ، وعند محمد لا يجوز ; لأن هذا تصرف في العقود عليه قبل القبض ; لأن القيمة قائمة مقام العين المستهلكة ، والتصرف في المعقود عليه قبل القبض لا يجوز لا من البائع ، ولا من غيره .

                                                                                                                                وكذا المبيع إذا كان مصوغا من فضة اشتراها بدينار فاستهلك المصوغ أجنبي قبل القبض فاختار المشتري أن يتبع الجاني بالضمان ، ونقد الدينار البائع فافترقا قبل قبض ضمان المستهلك لا يبطل الصرف بينهما عند أبي يوسف ; لأن اختياره تضمين المستهلك بمنزلة القبض عنده ، وعند محمد يبطل الصرف لعدم القبض ( وجه ) قول محمد أن الضمان حكم العين ; لأن قيمة العين قائمة مقامها ، ولهذا بقي العقد على القيمة بعد استهلاك العين ثم العين لو كانت قائمة فهلكت قبل القبض كان الهلاك على البائع ، ويبطل البيع ، ويسقط الثمن عن المشتري فكذا القيمة ، ولأبي يوسف أن جناية الأجنبي حصلت بإذن المشتري ، وأمره دلالة فيصير قابضا كما لو فعل بنفسه ، وبيان ذلك أن اختيار المشتري اتباع الجاني بالضمان تمليك من المضمون ; لأن المضمونات تملك باختيار الضمان مستندا إلى وقت سبب الضمان فيصير كأن الجناية حصلت بأمر المشتري فيصير [ ص: 247 ] قابضا ; لأن فعل الأجنبي بأمر المشتري بمنزلة فعل المشتري بنفسه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية