الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) : أن يكون مقبوض المرتهن أو من يقوم مقامه والكلام في القبض في مواضع : في بيان أنه شرط جواز الرهن ، وفي بيان شرائط صحته ، وفي تفسير القبض وماهيته ، وفي بيان أنواعه .

                                                                                                                                ( أما ) الأول فقد اختلف العلماء فيه قال عامة العلماء : إنه شرط ، وقياس قول زفر رحمه الله في الهبة أن يكون ركنا كالقبول حتى أن من حلف لا يرهن فلانا شيئا فرهنه ولم يقبضه يحنث عندنا ، وعنده لا يحنث كما في الهبة ، والصحيح قولنا ; لقول الله تبارك وتعالى { فرهان مقبوضة } ولو كان القبض ركنا ، لصار مذكورا بذكر الرهن فلم يكن لقوله تعالى عز شأنه { مقبوضة } معنى ، فدل ذكر القبض مقرونا بذكر الرهن على أنه شرط وليس بركن ، وقال مالك رحمه الله : ليس بركن ولا شرط والصحيح قول العامة ; لقوله تبارك وتعالى { فرهان مقبوضة } وصف سبحانه وتعالى الرهن بكونه مقبوضا فيقتضي أن يكون القبض فيه شرطا ; صيانة لخبره تعالى عن الخلف ; ولأنه عقد تبرع للحال فلا يفيد الحكم بنفسه كسائر التبرعات .

                                                                                                                                ولو تعاقدا على أن يكون الرهن في يد صاحبه ، لا يجوز الرهن ، حتى لو هلك في يده ، لا يسقط الدين .

                                                                                                                                ولو أراد المرتهن أن يقبضه من يده ليحبسه رهنا ، ليس له ذلك ; ; لأن هذا شرط فاسد أدخلاه في الرهن فلم يصح الرهن ، ولو تعاقدا على أن يكون في يد العدل وقبضه العدل ، جاز ويكون قبضه كقبض المرتهن ، وهذا قول العامة ، وقال ابن أبي ليلى : لا يصح الرهن إلا بقبض المرتهن .

                                                                                                                                والصحيح قول العامة ; لقوله تبارك وتعالى { فرهان مقبوضة } من غير فصل بين قبض المرتهن والعدل ; ولأن قبض العدل برضا المرتهن قبض المرتهن معنى ولو قبضه العدل ثم تراضيا على أن يكون الرهن في يد عدل آخر ووضعاه في يده جاز ; ; لأنه جاز وضعه في يد الأول لتراضيهما ، فيجوز وضعه في يد الثاني بتراضيهما ، وكذا إذا قبضه العدل ثم تراضيا على أن يكون في يد المرتهن ، ووضعا في يده جاز ; ; لأنه جاز وضعه في يد الأول لتراضيهما ، فيجوز وضعه في يد الثاني بتراضيهما ، وكذا إذا قبضه العدل ثم تراضيا على أن يكون في يد المرتهن ، ووضعا في يده ; لأنه جاز وضعه في يده في الابتداء ، فكذا في الانتهاء .

                                                                                                                                وكذا إذا قبضه المرتهن أو العدل ثم تراضيا على أن يكون في يد الراهن ووضعه في يده جاز ; لأن القبض الصحيح للعقد قد وجد ، وقد خرج الرهن من يده فبعد ذلك يده ويد الأجنبي سواء .

                                                                                                                                ولو رهن رهنا وسلط عدلا على بيعه عند المحل فلم يقبض حتى حل الأجل فالرهن باطل ; لأن صحته بالقبض ، والبيع صحيح ; لأن صحة [ ص: 138 ] التوكيل لا تقف صحته على القبض فصح البيع وإن لم يصح الرهن .

                                                                                                                                وكذلك لو رهن مشاعا وسلطه على بيعه ، فالرهن باطل والوكالة صحيحة ; لما ذكرنا .

                                                                                                                                ولو جعل عدلا في الإمساك وعدلا في البيع ، جاز ; ; لأن كل واحد منهما أمر مقصود فيصح إفراده بالتوكيل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية