الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا يقرأ في الصلاة على الجنازة بشيء من القرآن ، وقال الشافعي : يفترض قراءة الفاتحة فيها ، وذلك عقيب التكبيرة الأولى بعد الثناء ، وعندنا لو قرأ الفاتحة على سبيل الدعاء والثناء لم يكره ، واحتج الشافعي بقول النبي : صلى الله عليه وسلم { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب } ، وقوله : { لا صلاة إلا بقراءة } وهذه صلاة بدليل شرط الطهارة واستقبال القبلة فيها ، وعن جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على ميت أربعا وقرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى وعن } ابن عباس رضي الله عنهما { أنه صلى على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، وجهر بها وقال : إنما جهرت لتعلموا أنها سنة } ، ولنا ما روي عن ابن مسعود { أنه سئل عن صلاة الجنازة هل يقرأ فيها ؟ فقال : لم يوقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا ولا قراءة } ، وفي رواية دعاء ولا قراءة كبر ما كبر الإمام واختر من أطيب الكلام ما شئت ، وفي رواية واختر من الدعاء أطيبه وروي عن عبد الرحمن بن عوف ، وابن عمر أنهما قالا : ليس فيها قراءة شيء من القرآن [ ص: 314 ] ولأنها شرعت للدعاء ، ومقدمة الدعاء الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا القراءة ، وقوله عليه السلام { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب } ولا صلاة إلا بقراءة لا يتناول صلاة الجنازة ; لأنها ليست بصلاة حقيقة إنما هي دعاء واستغفار للميت ، ألا ترى أنه ليس فيها الأركان التي تتركب منها الصلاة من الركوع والسجود إلا أنها تسمى صلاة لما فيها من الدعاء ، واشتراط الطهارة ، واستقبال القبلة فيها لا يدل على كونها صلاة حقيقية كسجدة التلاوة ; ولأنها ليست بصلاة مطلقة فلا يتناولها مطلق الاسم وحديث ابن عباس معارض بحديث ابن عمر وابن عوف ، وتأويل حديث جابر أنه كان قرأ على سبيل الثناء لا على سبيل قراءة القرآن ، وذلك ليس بمكروه عندنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية