الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                [ ص: 133 ] فصل ) :

                                                                                                                                وأما حكمه إذا فات عن أيام النحر فهو أنه لا يسقط بل يجب أن يأتي به ; لأن سائر الأوقات ، وقته بخلاف الوقوف بعرفة أنه إذا فات عن ، وقته يسقط ; لأنه موقت بوقت مخصوص ثم إن كان بمكة يأتي به بإحرامه الأول ; لأنه قائم ; إذ التحلل بالطواف ، ولم يوجد ، وعليه لتأخيره عن أيام النحر دم عند أبي حنيفة ، وإن كان رجع إلى أهله فعليه أن يرجع إلى مكة بإحرامه الأول ، ولا يحتاج إلى إحرام جديد ، وهو محرم عن النساء إلى أن يعود فيطوف ، وعليه للتأخير دم عند أبي حنيفة .

                                                                                                                                ولا يجزئ عن هذا الطواف بدنة ; لأنه ركن ، وأركان الحج لا يجزئ عنها البدل ، ولا يقوم غيرها مقامها بل يجب الإتيان بعينها كالوقوف بعرفة .

                                                                                                                                وكذا لو كان طاف ثلاثة أشواط فهو والذي لم يطف سواء ; لأن الأقل لا يقوم مقام الكل ، وإن كان طاف جنبا أو على غير وضوء أو طاف أربعة أشواط ثم رجع إلى أهله ، أما إذا طاف جنبا فعليه أن يعود إلى مكة لا محالة هو العزيمة ، وبإحرام جديد حتى يعيد الطواف ، أما وجوب العود بطريق العزيمة فلتفاحش النقصان بالجنابة فيؤمر بالعود كما لو ترك أكثر الأشواط .

                                                                                                                                وأما تجديد الإحرام فلأنه حصل التحلل بالطواف مع الجنابة على أصل أصحابنا ، والطهارة عن الحدث ، والجنابة ليست بشرط لجواز الطواف فإذا حصل التحلل صار حلالا ، والحلال لا يجوز له دخول مكة بغير إحرام ، فإن لم يعد إلى مكة لكنه بعث بدنة جاز لما ذكرنا أن البدنة تجبر النقص بالجنابة ; لأن العزيمة هو العود ; لأن النقصان فاحش فكان العود أجبر له ; لأنه جبر بالجنس .

                                                                                                                                وأما إذا طاف محدثا أو طاف أربعة أشواط فإن ، عاد وطاف جاز ; لأنه جبر النقص بجنسه ، وإن بعث شاة جاز أيضا ; لأن النقص يسير فينجبر بالشاة ، والأفضل أن يبعث بالشاة ; لأن الشاة تجبر النقص ، وتنفع الفقراء ، وتدفع عنه مشقة الرجوع ، وإن كان بمكة فالرجوع أفضل ; لأنه جبر الشيء بجنسه فكان أولى ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية