الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإذا أحرم المتمتع بالحج فلا يطوف بالبيت ، ولا يسعى في قول أبي حنيفة ، ومحمد ; لأن طواف القدوم للحج لمن قدم مكة بإحرام الحج ، والمتمتع إنما قدم مكة بإحرام العمرة لا بإحرام الحج ، وإنما يحرم للحج من مكة ، وطواف القدوم لا يكون بدون القدوم ، وكذلك لا يطوف ، ولا يسعى أيضا ; لأن السعي بدون الطواف غير مشروع ، ولأن المحل الأصلي للسعي ما بعد طواف الزيارة ; لأن السعي واجب ، وطواف الزيارة فرض ، والواجب يصلح تبعا للفرض ، فأما طواف القدوم فسنة .

                                                                                                                                والواجب لا يتبع السنة إلا أنه رخص تقديمه على محله الأصلي عقيب طواف القدوم فصار واجبا عقيبه بطريق الرخصة ، وإذا لم يوجد طواف القدوم يؤخر السعي إلى محله الأصلي فلا يجوز قبل طواف الزيارة ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أن المتمتع إذا أحرم بالحج يوم التروية أو قبله ، فإن شاء طاف وسعى قبل أن يأتي إلى منى ، وهو أفضل ، وروى هشام عن محمد أنه إن طاف وسعى لا بأس به ، ووجه ذلك أن هذا الطواف ليس بواجب بل هو سنة .

                                                                                                                                وقد ورد الشرع بوجوب السعي عقيبه ، وإن كان واجبا رخصة وتيسيرا في حق المفرد بالحج والقارن فكذا المتمتع ، والجواب نعم إنه سنة لكنه سنة القدوم للحج لمن قدم بإحرام الحج ، والمتمتع لم يقدم مكة بإحرام الحج فلا يكون سنة في حقه ، وعن الحسن بن زياد أنه فرق بينهما قبل الزوال وبعده فقال : إذا أحرم يوم التروية طاف وسعى إلا أن يكون أحرم بعد الزوال ، ووجهه أن بعد الزوال يلزمه الخروج إلى منى فلا يشتغل بغيره ، وقبل الزوال لا يلزمه الخروج فكان له أن يطوف ويسعى ، والجواب ما ذكرنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية