الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما من جعلها واحدة ، فاحتج بالنص والقياس ، فأما النص ، فما رواه معمر وابن جريج عن ابن طاووس ، عن أبيه ، ( أن أبا الصهباء قال لابن عباس : ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ، وصدرا من إمارة عمر ؟ قال : نعم ) . رواه مسلم في " صحيحه " .

وفي لفظ : ( ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وصدرا من خلافة عمر ترد إلى واحدة ؟ قال : نعم ) .

[ ص: 228 ] وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق ، أن ابن جريج قال : أخبرني بعض بني أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عكرمة ، ( عن ابن عباس ، قال : طلق عبد يزيد - أبو ركانة وإخوته - أم ركانة ، ونكح امرأة من مزينة ، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة ، لشعرة أخذتها من رأسها ، ففرق بيني وبينه ، فأخذت النبي - صلى الله عليه وسلم - حمية ، فدعا بركانة وإخوته ، ثم قال لجلسائه : " ألا ترون أن فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد ، وفلانا منه كذا وكذا " ؟ قالوا : نعم ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد : " طلقها " ، ففعل ثم قال : " راجع امرأتك أم ركانة وإخوته " ، فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله ، قال : " قد علمت [ ص: 229 ] راجعها " وتلا : ( ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سعد بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني داود بن الحصين ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، ( عن عبد الله بن عباس ، قال : طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها حزنا شديدا ، قال : فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كيف طلقتها " ، فقال : طلقتها ثلاثا ، فقال : " في مجلس واحد ؟ " ، قال : نعم ، قال : " فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت " ؟ قال : فراجعها ) . فكان ابن عباس يرى أنما الطلاق عند كل طهر .

قالوا : وأما القياس ، فقد تقدم أن جمع الثلاث محرم وبدعة ، والبدعة مردودة ؛ لأنها ليست على أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : وسائر ما تقدم في بيان التحريم يدل على عدم وقوعها جملة . قالوا : ولو لم يكن معنا إلا قوله تعالى : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) [ النور : 6 ] ، وقوله : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله ) [ النور : 8 ] ، قالوا : وكذلك كل ما يعتبر له التكرار من حلف أو إقرار أو شهادة ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( تحلفون خمسين يمينا ، وتستحقون دم صاحبكم ) .

فلو قالوا : نحلف بالله خمسين يمينا : إن فلانا قتله ، كانت يمينا واحدة . قالوا : وكذلك الإقرار بالزنى ، كما في الحديث : أن بعض الصحابة قال لماعز : إن أقررت أربعا ، رجمك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يعقل أن تكون الأربع فيه مجموعة بفم واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية