الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل وأما فرض الدراهم فلا أصل له في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - ألبتة ولا التابعين ولا تابعيهم ولا نص عليه أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أئمة الإسلام ، وهذه كتب الآثار والسنن ، وكلام الأئمة بين أظهرنا ، فأوجدونا من ذكر فرض الدراهم . والله سبحانه أوجب نفقة الأقارب والزوجات والرقيق بالمعروف ، وليس من المعروف فرض الدراهم ، بل المعروف الذي نص عليه صاحب الشرع أن يطعمهم مما يأكل ويكسوهم مما يلبس ، ليس المعروف سوى هذا ، وفرض الدراهم على المنفق من المنكر ، وليست الدراهم من الواجب ولا عوضه ، ولا يصح الاعتياض عما لم يستقر ولم يملك ، فإن نفقة الأقارب والزوجات إنما تجب يوما فيوما ، ولو كانت مستقرة لم تصح المعاوضة عنها بغير رضى الزوج والقريب ، فإن الدراهم تجعل عوضا عن الواجب الأصلي ، وهو إما البر عند الشافعي ، أو الطعام المعتاد عند الجمهور ، فكيف يجبر على المعاوضة على ذلك بدراهم من غير رضاه ، ولا إجبار صاحب الشرع له على ذلك ، فهذا مخالف لقواعد الشرع ونصوص الأئمة ومصالح العباد ، ولكن إن اتفق المنفق والمنفق عليه على ذلك جاز باتفاقهما ، هذا مع أنه في جواز اعتياض الزوجة عن النفقة الواجبة لها نزاع معروف في مذهب الشافعي وغيره ، فقيل : لا تعتاض ؛ لأن نفقتها طعام ثبت في الذمة عوضا فلا تعتاض عنه قبل القبض كالمسلم فيه ، وعلى هذا فلا يجوز الاعتياض لا بدراهم ولا ثياب ولا شيء البتة ، وقيل : تعتاض بغير الخبز والدقيق ؛ فإن [ ص: 456 ] الاعتياض بهما ربا ، هذا إذا كان الاعتياض عن الماضي ، فإن كان عن المستقبل لم يصح عندهم وجها واحدا ؛ لأنها بصدد السقوط فلا يعلم استقرارها .

التالي السابق


الخدمات العلمية