الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

وما فضل منه عن حاجته وحاجة بهائمه وزرعه ، واحتاج إليه آدمي مثله ، أو بهائمه ، بذله بغير عوض ، ولكل واحد أن يتقدم إلى الماء ويشرب . ويسقي ماشيته ، وليس لصاحب الماء منعه من ذلك ، ولا يلزم الشارب وساقي البهائم عوض . وهل يلزمه أن يبذل له الدلو والبكرة والحبل مجانا ، أو له أن يأخذ أجرته ؟ على قولين ، وهما وجهان لأصحاب أحمد في وجوب إعارة المتاع عند الحاجة إليه ، أظهرهما دليلا وجوبه ، وهو من الماعون .

قال أحمد : إنما هذا في [ ص: 710 ] الصحاري والبرية دون البنيان يعني : أن البنيان إذا كان فيه الماء ، فليس لأحد الدخول إليه إلا بإذن صاحبه ، وهل يلزمه بذل فضل مائه لزرع غيره ؟ فيه وجهان ، وهما روايتان عن أحمد .

أحدهما : لا يلزمه وهو مذهب الشافعي ؛ لأن الزرع لا حرمة له في نفسه ، ولهذا لا يجب على صاحبه سقيه بخلاف الماشية .

والثاني : يلزمه بذله ، واحتج لهذا القول بالأحاديث المتقدمة وعمومها ، ومما روي ( عن عبد الله بن عمرو أن قيم أرضه بالوهط كتب إليه يخبره أنه سقى أرضه ، وفضل له من الماء فضل يطلب بثلاثين ألفا ، فكتب إليه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : أقم قلدك ، ثم اسق الأدنى ، فالأدنى ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع فضل الماء ) .

قالوا : وفي منعه من سقي الزرع إهلاكه وإفساده ، فحرم كالماشية . وقولكم : لا حرمة له ، فلصاحبه حرمة ، فلا يجوز التسبب إلى إهلاك ماله ، ومن سلم لكم أنه لا حرمة للزرع ؟ قال أبو محمد المقدسي : ويحتمل أن يمنع نفي الحرمة عنه ، فإن إضاعة المال منهي عنها ، وإتلافه محرم ، وذلك دليل على حرمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية