الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
هكذا في الحديث ( ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ) وقد استشكله بعضهم ، وله حكم نظائره ، كقوله في الخطب والتشهد في الصلاة ( أشهد أن محمدا رسول الله ) فإنه صلى الله عليه وسلم مكلف بالإيمان بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلقه ، ووجوب ذلك عليه أعظم من وجوبه على المرسل إليهم ، فهو نبي إلى نفسه ، وإلى الأمة التي هو منهم ، وهو رسول الله إلى نفسه وإلى أمته .

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لفاطمة ابنته : ( ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به : أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي ، يا قيوم ، بك أستغيث فأصلح لي شأني ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل شكا إليه إصابة الآفات : ( قل إذا أصبحت : بسم الله على نفسي ، وأهلي ومالي ، فإنه لا يذهب عليك شيء )

[ ص: 342 ] ويذكر عنه أنه ( كان إذا أصبح قال : اللهم إني أسألك علما نافعا ، ورزقا طيبا ، وعملا متقبلا )

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد إذا قال حين يصبح ثلاث مرات : اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر ، فأتمم علي نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة ، وإذا أمسى قال ذلك ، كان حقا على الله أن يتم عليه )

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال في كل يوم حين يصبح وحين يمسي : حسبي الله لا إله إلا هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ، سبع مرات ، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة )

ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه ( من قال هذه الكلمات في أول نهاره ، لم تصبه مصيبة حتى يمسي ، ومن قالها آخر نهاره لم تصبه مصيبة حتى يصبح : " اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، أعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم ) وقد قيل لأبي [ ص: 343 ] الدرداء : قد احترق بيتك ، فقال : ما احترق ، ولم يكن الله عز وجل ليفعل ، لكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرها .

وقال : ( سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، من قالها حين يصبح موقنا بها ، فمات من يومه ، دخل الجنة ، ومن قالها حين يمسي موقنا بها ، فمات من ليلته دخل الجنة )

( ومن قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به ، إلا أحد قال مثل ما قال ، أو زاد عليه " . وقال " من قال حين يصبح عشر مرات : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، كتب الله بها عشر حسنات ، [ ص: 344 ] ومحا عنه بها عشر سيئات ، وكانت كعدل عشر رقاب ، وأجاره الله يومه من الشيطان الرجيم ، وإذا أمسى فمثل ذلك حتى يصبح ) وقال : ( من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، في اليوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتب له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك ، حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه )

وفي " المسند " وغيره أنه صلى الله عليه وسلم علم زيد بن ثابت ، وأمره أن يتعاهد به أهله في كل صباح ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، ومنك وبك وإليك ، اللهم ما قلت من قول ، أو حلفت من حلف ، أو نذرت من نذر ، فمشيئتك بين يدي ذلك كله ، ما شئت كان ، وما لم تشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بك ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم ما صليت من صلاة ، فعلى من صليت ، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، توفني مسلما ، وألحقني بالصالحين ، اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، ذا الجلال والإكرام ، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا ، وأشهدك - وكفى بك شهيدا - بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، لك الملك ولك الحمد ، وأنت على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ، وأشهد أن [ ص: 345 ] وعدك حق ، ولقاءك حق ، والساعة حق آتية لا ريب فيها ، وأنك تبعث من في القبور ، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة ، وذنب وخطيئة ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاغفر لي ذنوبي كلها ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم )

التالي السابق


الخدمات العلمية