الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في غزوة الغابة

ثم أغار عيينة بن حصن الفزاري في بني عبد الله بن غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي بالغابة ، فاستاقها ، وقتل راعيها وهو رجل من عسفان ، واحتملوا امرأته ، قال عبد المؤمن بن خلف وهو ابن أبي ذر وهو غريب جدا : فجاء الصريخ ، ونودي : يا خيل الله اركبي ، وكان أول ما نودي بها ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقنعا في الحديد ، فكان أول من قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمغفر ، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في رمحه ، وقال : امض حتى تلحقك الخيول ، إنا على أثرك ، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ، وأدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه ، فجعل يرميهم بالنبل ويقول :


خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع



حتى انتهى إلى ذي قرد ، وقد استنقذ منهم جميع اللقاح وثلاثين بردة ، قال سلمة : فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخيل عشاء ، فقلت : يا رسول الله إن القوم عطاش ، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما في أيديهم من السرح وأخذت [ ص: 249 ] بأعناق القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ملكت فأسجح " ، ثم قال : إنهم الآن ليقرون في غطفان " .

وذهب الصريخ بالمدينة إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ولم تزل الخيل تأتي ، والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد .

قال عبد المؤمن بن خلف ، فاستنقذوا عشر لقاح ، وأفلت القوم بما بقي وهو عشر . قلت : وهذا غلط بين ، والذي في " الصحيحين " : أنهم استنقذوا اللقاح كلها ، ولفظ مسلم في " صحيحه " عن سلمة : ( حتى ما خلق الله من شيء من لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري ، واستلبت منهم ثلاثين بردة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية