الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في أمر مسجد الضرار الذي نهى الله رسوله أن يقوم فيه

فهدمه صلى الله عليه وسلم

وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ، حتى نزل بذي أوان ، وبينها وبين المدينة ساعة ، وكان أصحاب مسجد الضرار أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه ، فقال : ( إني على جناح سفر وحال شغل ، ولو قدمنا إن شاء الله لأتيناكم فصلينا لكم فيه ، فلما نزل بذي أوان جاءه خبر المسجد من السماء ، فدعا مالك بن الدخشم أخا بني سلمة بن عوف ، ومعن بن عدي العجلاني ، فقال : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه ، فخرجا مسرعين ، حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ، ودخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ، ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه ـ وفيه [ ص: 481 ] أهله ـ فحرقاه وهدماه ، فتفرقوا عنه ، فأنزل الله فيه : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ) [ التوبة : 107 ] إلى آخر القصة

وذكر ابن إسحاق الذين بنوه : وهم اثنا عشر رجلا ، منهم ثعلبة بن حاطب

وذكر عثمان بن سعيد الدارمي : حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ) هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدا ، فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدكم واستمدوا ما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا وأصحابه ، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو بالبركة ، فأنزل الله عز وجل : ( لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ) يعني مسجد قباء ( أحق أن تقوم فيه ) [ التوبة : 108 ] إلى قوله ( فانهار به في نار جهنم ) [ التوبة : 109 ] يعني قواعده ، ( لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ) يعني : الشك ( إلا أن تقطع قلوبهم ) يعني بالموت

التالي السابق


الخدمات العلمية