الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) ندب ( فدية ) وهي الكفارة الصغرى مد عن كل يوم ( لهرم وعطش ) بكسر الراء والطاء أي لا يقدر واحد منهما على الصوم في زمن من الأزمنة فإن قدر في زمن ما أخر إليه ولا فدية ; لأن من عليه القضاء لا فدية عليه [ ص: 517 ] ( و ) ندب ( صوم ثلاثة ) من الأيام ( من كل شهر ) وكان مالك يصوم أول يومه وحادي عشرة وحادي عشريه ( وكره كونها ) أي الثلاثة الأيام ( البيض ) أي أيام الليالي البيض ثالث عشره وتالياه مخافة اعتقاده وجوبها وفرارا من التحديد وهذا إذا قصد صومها بعينها ، وأما إن كان على سبيل الاتفاق فلا كراهة ( كستة من شوال ) فتكره لمقتدى به متصلة برمضان متتابعة وأظهرها معتقدا سنة اتصالها

التالي السابق


( قوله وندب فدية لهرم وعطش ) ما ذكر المصنف من ندب الفدية لهما هو المشهور خلافا لما في المواق عن اللخمي من أنه لا شيء عليهما وللعطش أن يتناول غير الشرب كما تقدم أن المضطر للأكل أو الشرب إذا أكل أو شرب لا يندب له إمساك بقية اليوم بل له تناول كل شيء خلافا لما نقله ح عن مختصر الوقار إن المتعطش يشرب إذا بلغ الجهد منه ولا يعدل عن الشرب إلى غيره ( قوله ولا فدية ) أي لا وجوبا

[ ص: 517 ] ولا ندبا ( قوله وصوم ثلاثة من الأيام ) أي غير معينة وهذا زيادة على الخميس والاثنين ; لأنهما مستحبان مستقلان ( قوله أول يومه إلخ ) أي ; لأن الحسنة بعشرة أمثالها فاليوم الأول بحسنة ، وهي بصوم عشرة أيام وحادي عشره أول العشرة الثانية وحادي عشريه أول العشرة الثالثة فإذا صام أول يوم من كل شهر وحادي عشره وحادي عشريه فكأنه صام الدهر والحكم للغالب فلا يرد النقض بأول يوم من شوال ا هـ تقرير عدوي ( قوله وحادي عشريه ) كذا قاله تت لا أوله وعاشره ويوم عشريه كما في الشارح بهرام عن المقدمات كذا في عبق قال بن مثله في ح عن المقدمات والذخيرة ويا للعجب كيف يكون ما لتت أرجح مما في المقدمات ويمكن أن يقال إن ما لتت قد تأيد عند عبق نقلا كما تأيد بما ذكرناه من المناسبة وقد قالوا إن الدراية كانت أغلب على ابن رشد من الرواية .

( قوله أي أيام الليالي البيض ) أي فقد حذف المضاف للموصوف وقوله ثالث عشره أي الشهر وتالياه وصفت الليالي المذكورة بالبيض لشدة نور القمر فيها وقوله وفرارا إلخ الأولى تقديم هذه العلة على قوله مخافة إلخ .

( قوله إذا قصد صومها بعينها ) بأن اعتقد أن الثواب لا يحصل إلا بصومها خاصة ( قوله ، وأما إن كان على سبيل الاتفاق ) بأن قصد صيامها من حيث إنها ثلاثة أيام من الشهر ا هـ تقرير عدوي ( قوله لمقتدى به ) خوفا من اعتقاد العامة وجوبها وانظر التقييد به مع ما في ح عن مطرف من أنه إنما كره مالك صومها لذي الجهل خوفا من اعتقاده وجوبها ا هـ بن ( معتقدا سنة اتصالها ) أي معتقدا أن الثواب لا يحصل إلا إذا كانت متصلة واعلم أن الكراهة مقيدة بهذه الأمور الخمسة فإن انتفى قيد منها فلا كراهة وعلى هذا يحمل خبر أبي أيوب { من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر الحسنة بعشرة أمثالها فشهر رمضان بعشرة أشهر وستة أيام بشهرين تمام السنة } ا هـ كذا قال بعضهم وتبعه شارحنا وبحث فيه شيخنا بأن قضيته أنه لو انتفى الاقتداء به لم يكره ولو خيف عليه اعتقاد الوجوب وليس كذلك وقضيته أيضا أنه لو انتفى إظهارها لم يكره ولو كان يعتقد سنية اتصالها ، وليس كذلك بل متى أظهرها كره له فعلها اعتقد سنية اتصالها أو لا ، وكذا إن اعتقد سنيته كره فعلها أظهرها أو لا فكان الأولى أن يقال فيكره لمقتدى به ، ولمن خاف عليه اعتقاد وجوبها إن صامها متصلة برمضان متتابعة وأظهرها أو كان يعتقد سنية اتصالها فتأمل




الخدمات العلمية