الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
شبه في الحكمين معا وهما الجواز والوجوب للمريض قوله ( كحامل ومرضع لم يمكنها ) أي المرضع ( استئجار ) لعدم مال أو مرضعة أو لم يقبلها ( أو غيره ) أي الاستئجار ، وهو إرضاعها بنفسها أو غيرها مجانا أي لم يمكنها واحد منهما [ ص: 536 ] على حد { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } ( خافتا ) بالصوم ( على ولديهما ) فيجوز فطرهما إن خافتا عليه المرض أو زيادته ويجب إن خافتا هلاكا أو شديد أذى ، وأما خوفهما على أنفسهما فهو داخل عموم قوله وبمرض إلخ ; لأن الحمل مرض والرضاع في حكمه ولذا كانت الحامل لا إطعام عليها بخلاف المرضع فإن أمكنها الاستئجار وجب صومها ( والأجرة في مال الولد ) إن كان له مال ; لأنه بمنزلة نفقته حيث سقط رضاعه عن أمه بلزوم الصوم لها ونفقته في ماله ( ثم ) إن لم يكن له مال ووجد مال الأبوين ( هل ) تكون في ( مال الأب ) وهو الراجح ; لأن نفقته حينئذ عليه ( أو ) في ( مالها تأويلان ) محلهما حيث يجب الرضاع عليها وإلا ففي مال الأب اتفاقا

التالي السابق


( قوله ، وهو إرضاعها بنفسها ) أي مع كفايته وقوله إن خافتا عليه المرض أي حدوثه بسبب صوم الحامل أو من قلة اللبن بسبب صوم المرضع ( قوله أي لم يمكنها واحد إلخ ) هذا جواب عما يقال إن المرضع إذا خافت على ولدها لا يجوز لها الفطر إلا إذا انتفى إمكان كل من الاستئجار وغيره فكان الواجب العطف بالواو لا بأو

[ ص: 536 ] وحاصل الوجوب أن أو إذا وقعت في حيز النفي كانت لنفي الأحد الدائر والأحد الدائر لا يتحقق نفيه إلا بنفي الجميع .

( قوله على حد ) أي على طريقة أي فهو على طريقة ولا تطع إلخ وذلك ; لأن العطف بأو بعد النفي كما في المصنف أو بعد النهي كما في الآية المراد منه نفي الأحد الدائر والنهي عن الفعل المتعلق به ( قوله خافتا على وليديهما ) أي أحد الأمرين السابقين المجوز للفطر والموجب له ومفهوم خافتا إلخ أنه لا يباح لهما الفطر بمجرد حصول المشقة الشديدة لكن اللخمي قد صرح بجوازه لهما وحكى ابن الحاجب الاتفاق عليه واستظهره المصنف في توضيحه وعزاه ابن رشد لسماع ابن القاسم ونصه للمرضع على المشهور من مذهب مالك ثلاثة أحوال : حال لا يجوز لها فيه الفطر والإطعام ، وهو ما إذا قدرت على الصوم ولم يجهدها الإرضاع ولم يحصل لولدها ضرر بسببه وحال يجوز لها فيها الفطر والإطعام ، وهي ما إذا جهدها الإرضاع ولم تخف على ولدها أو خافت عليه حدوث مرض أو زيادة ولم يمكنها الإرضاع وحال يجب عليها فيها الفطر والإطعام ، وهي ما إذا لم يمكنها الإرضاع وخافت على ولدها شدة الأذى انظر بن ( قوله ولذا ) أي ولأجل كون الحمل مرضا حقيقة والرضاع في حكم المرض وليس مرضا حقيقة .

( قوله فإن أمكنها الاستئجار إلخ ) هذا شروع في بيان مفهوم قوله لم يمكنها استئجار أو غيره ( قوله والأجرة في مال الولد ) أي أجرة إرضاعه إذا لم تقدر على إرضاعه وخافت عليه وأجرت له مرضعة ترضعه وهذا متعلق بمفهوم قوله لم يمكنها استئجار أي فإن أمكنها ذلك وجب الصوم واستأجرت والأجرة في مال الولد إلخ ( قوله ; لأنه ) أي إرضاعه ( قوله تأويلان ) الأول للخمي والثاني لسند كما في التوضيح وكان الأولى للمصنف أن يعبر بتردد أو بقولين إذ ليس هذا خلافا في فهم المدونة قال شيخنا والراجح من القولين الأول فكان على المصنف الاقتصار عليه فإن عدم مال الأب فمن مال الأم ( قوله حيث يجب الرضاع عليها ) أي بأن كانت غير علية القدر وكانت غير مطلقة طلاقا بائنا وإلا فلا يجب عليها اتفاقا وكانت في مال الأب




الخدمات العلمية