الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنع ) ( البيع ) من الأضحية كجلد أو لحم أو عظم أو شعر ، ولا يعطى الجزار في مقابلة جزارته أو بعضها شيئا منها ، وهذا إذا كانت مجزئة بل ( وإن ) لم يحصل إجزاء كمن ( ذبح ) يوم النحر ( قبل الإمام ) أو ( تعيبت حالة الذبح ) عيبا يمنع الجزاء كما إذا أضجعها للذبح فاضطربت فانكسرت رجلها أو أصابت السكين عينا ففقأتها قبل تمام فري الحلقوم والودجين ( أو ) تعيبت ( قبله ) أي قبل الشروع في الذبح ، وذبحها وإلا فعل بها ما شاء كما يأتي ، وهذا يفهم مما قبله بالأولى .

( أو ذبح معيبا جهلا ) بالعيب أو بكونه يمنع الجزاء فلا يبيع منها شيئا في ذلك كله ( و ) منع ( الإجارة ) لها قبل ذبحها ولجلدها بعده والمعتمد الجواز ( و ) منع ( البدل ) لها أو لشيء منها بعد ذبحها بشيء آخر مجانس للمبدل ( إلا لمتصدق عليه ) أو موهوب له فلا يمنع البيع أو البدل ، ولو علم ربها حال التصدق عليه بذلك ( وفسخت ) عقدة البيع والبدل ، وكذا الإجارة على ما مشى عليه لا على المعتمد إن عثر عليه قبل فوات المبيع ، وإلا تصدق بالعوض نفسه وجوبا إن لم يفت من غير تفصيل فإن فات العوض أيضا بأن صرفه في حاجته مثلا فهو ما أشار له بقوله ( وتصدق ) وجوبا ( بالعوض ) أي ببدله له ( في الفوت ) أي فوت العوض وحملناه على ذلك القيد الذي أشار له بقوله ( إن لم يتول ) البيع ( غير ) أي غير المضحي ( بلا إذن ) بأن تولاه المضحي أو غيره بإذنه سواء صرفه فيما يلزم المضحي أم لا ( و ) بلا ( صرف فيما لا يلزمه ) المضحي بأن صرفه فيما يلزم فالمعنى إن لم يستوله غيره حال عدم إذنه [ ص: 125 ] وصرفه في غير لازمه ، وهو صادق بثلاث صور تولية ربه وغيره المأذون وغير المأذون الصارف فيما يلزمه ومفهومه أنه لو تولاه الغير بغير إذنه وصرفه فيما لا يلزمه فلا يلزم المضحي التصدق ببدل العوض فالصور أربع يلزمه التصدق في ثلاث وشبه بمنطوق المسألة ( كأرش عيب لا يمنع الإجزاء ) بأن اشتراها ، وذبحها فوجد بها عيبا خفيفا ككونها خرقاء أو شرقاء فرجع بأرشه على بائعه فيجب التصدق به ، ولا يتملكه ; لأنه بمنزلة بيع شيء منها ، وهو ممنوع فلو كان العيب يمنع الإجزاء لم يجب التصدق بل يندب ; لأن عليه بدل الضحية .

التالي السابق


( قوله : وذبحها ) أي عالما بالعيب وحكمه ، وليس المراد أنه ذبحها غير عالم بالعيب ، ولم يطلع عليه إلا بعد الذبح ، وإلا كان مكررا مع قوله أو ذبح معيبا جهلا ( قوله : وإلا فعل بها ما شاء ) أي ، وإلا يذبحها والفرض أنها تعيبت فعل بها ما شاء ( قوله : فلا يبيع منها شيئا في ذلك ) أي فيما ذكر من المسائل المشار لها بقوله ، وإن ذبح قبل الإمام إلى هنا ( قوله : والمعتمد الجواز ) أي جواز إجارتها قبل الذبح ، وأما إجارة جلدها بعد الذبح فالمذهب المنع عند ابن شاس كما في المواق وجعل قول سحنون بالجواز مقابلا ، ولكن المعتمد ما قاله سحنون من الجواز ( قوله : والبدل ) عطف على البيع فيقتضي المغايرة فالبدل ليس بيعا لكنه يشبهه .

واعلم أن البدل بعد الذبح ممنوع مطلقا سواء أوجبها بالنذر أو لا ، وأما قبل الذبح فليس بممنوع ما لم تكن منذورة كما مر .

( قوله : فلا يمنع ) ما ذكره المصنف من الجواز هو قول أصبغ وشهره ابن غلاب قال اللخمي : وهو الأحسن ، ومقابله المنع لمالك وشهره في التوضيح في باب السرقة ( قوله : ولو علم ربها ) هذا مبالغة في محذوف أي ، ولا إثم على ربها ، ولو علم حال التصدق عليه بذلك أي بأنه يبيع ما يعطيه له خلافا لابن المواز ( قوله : وإلا ) أي ، وإلا بأن فات اللحم أو الجلد المبيع تصدق بالعوض وجوبا أي وقضى به على الظاهر قال عج ، ويستفاد من جعلهم تغير السوق فوتا أن الدبغ للجلد والطبخ للحم ، ولو من غير إبراز فوت إذ هو أشد ( قوله : من غير تفصيل ) أي سواء تولى البيع المضحي أو غيره بإذنه أو بغير إذنه ( قوله : أي ببدله ) أي من قيمة أو مثل ( قوله : وحملناه على ذلك ) أي على التصدق ببدل العوض في فوات العوض أي ولم نحمله على التصدق بالعوض في فوات المبيع ، وقيام العوض ، وقوله للقيد إلخ أي فإن قوله وبلا صرف فيما لا يلزم يقتضي أن العوض صرف فيما يلزم ، ولم يكن باقيا ، هذا كلامه ، وفيه أن قوله وبلا صرف فيما لا يلزم صادق بما إذا لم يصرف أصلا وبما إذا صرف فيما يلزم فالأولى جعل كلام المصنف عاما للتصدق بالعوض إذا فات المبيع ، وكان العوض باقيا ببدل العوض إذا فات العوض كما فعل بن وغيره بجعل العوض شاملا لعوض المبيع ولبدل العوض ( قوله : إن لم يتول إلخ ) أي إن عدمت [ ص: 125 ] تولية غيره للعقد الملتبسة بعدم الإذن وبعدم الصرف فيما لا يلزم ، ولا شك أن انتفاء تولية الغير المتلبسة بعدم الإذن وبعدم الصرف فيما لا يلزم صادق بما إذا تولى العقد بنفسه أو تولاه غيره بإذنه أو بغير إذنه ، وصرفه فيما يلزم ، ولو قال المصنف إن تولى العقد بنفسه أو تولاه غيره بإذنه أو صرف العوض فيما يلزمه لكان مفيدا للمراد بلا كلفة ( قوله : وصرفه في غير لازمه ) أي وحال عدم صرفه في غير إلخ ( قوله : لا يمنع الجزاء ) هذه النسخة التي فيها إثبات لا نسخة ابن غازي قال ح والذي في غالب النسخ وشرح عليه البساطي وبهرام إسقاط لا فعلى الأولى يكون تشبيها بمنطوق قوله وتصدق بالعوض ، وعلى الثانية يكون تشبيها بمفهوم قوله إن لم يتول إلخ في عدم وجوب التصدق ; لأن المنقول عن ابن القاسم ، وهو المعتمد أن الأرش إن منع عيبه الجزاء صنع به ما شاء ، وإلا تصدق به ، وأما الشاة فإن لم يمنع العيب الإجزاء فواضح ، وإن منع فالمذهب عدم جواز بيعها كما في التوضيح .




الخدمات العلمية