الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وركنه ) أي النكاح أي أركانه أربعة الأول ( ولي و ) الثاني ( صداق و ) الثالث ( محل ) زوج وزوجة معلومان خاليان من الموانع الشرعية كالإحرام كما يأتي ( و ) الرابع ( صيغة ) ولم يعد الشهود من الأركان ; لأن ماهية العقد لا تتوقف عليه ويرد عليه أن الصداق كذلك فالأولى جعلهما شرطين وبدأ بالكلام على الصيغة لقلة الكلام فقال مصورة ( بأنكحت وزوجت ) ، ولو لم يسم صداقا كما يأتي في التفويض [ ص: 221 ] ( و ) صح ( ب ) تسمية ( صداق وهبت ) لك ابنتي مثلا أو تصدقت عليك بها بكذا ، فإن لم يسم صداقا لم ينعقد ( وهل كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة كبعت ) لك ابنتي بصداق قدره كذا أو ملكتك إياها أو أحللت وأعطيت ومنحتك إياها بكذا .

( كذلك ) أي مثل وهبت حيث سمى صداقا فينعقد به النكاح أو لا ينعقد ، ولو سمى صداقا ككل لفظ لا يقتضي البقاء كالحبس والوقف والإجارة والعارية والعمرى وهو الراجح ( تردد وكقبلت ) عطف على أنكحت أي الصيغة مصورة بأنكحت من الولي وقبلت نحوه كرضيت من الزوج ( و ) انعقد ( ب ) قول الزوج للولي ( زوجني ) أو أنكحني ابنتك مثلا ( فيفعل ) أي الولي بأن يقول زوجتك إياها أو أنكحتك أو فعلت ، إذ لا يشترط تقديم الإيجاب على القبول بل يندب ( ولزم ) النكاح بالصيغة منهما ( وإن لم يرض ) الآخر ، ولو قامت قرينة على قصد الهزل منهما معا كالطلاق والعتق .

التالي السابق


( قوله : وركنه ) مفرد مضاف يعم بمعنى وكل أركانه ، ثم يراد الكل المجموعي أي مجموع أركانه ولي إلخ ، وحينئذ فلا يلزم عليه الإخبار عن المفرد بالمتعدد والضمير في ركنه راجع للنكاح بمعنى العقد ومرادهم بالركن ما تتوقف عليه حقيقة الشيء فيشمل الزوج والزوجة والولي والصيغة .

( قوله : أن الصداق كذلك ) إذ لا يشترط ذكره عند عقد النكاح لجواز نكاح التفويض .

( قوله : جعلهما ) أي الصداق والشهود إلا أن يقال : جعل الشهود شرطا والصداق ركنا مجرد اصطلاح لهم .

( قوله : بأنكحت وزوجت ) ومضارعهما كماضيهما كما في التوضيح [ ص: 221 ] واعترضه الناصر اللقاني قائلا فيه نظر ، إذ العقود إنما تحصل بالماضي دون المضارع ; لأن الأصل فيه الوعد وفي الماضي اللزوم .

( قوله : وصح بتسمية صداق ) أي حقيقة كأن يقول : وهبتها لك بصداق قدره كذا أو حكما كأن يقول : وهبتها لك تفويضا .

( قوله : أو تصدقت إلخ ) فيه نظر بل كلامه هنا مقصور على لفظ وهبت ، إذ هو الذي في المدونة وجميع ما عدا هذا اللفظ داخل في التردد الآتي والحاصل أن تردد ابن القصار وابن رشد في جميع ما عدا أنكحت وزوجت ووهبت بصداق انظر بن .

( قوله : يقتضي البقاء ) أي تمليك الذات .

( قوله : فينعقد به النكاح ) وهو قول ابن القصار وعبد الوهاب في الإشراق والباجي وابن العربي في أحكامه .

( قوله : أو لا ينعقد ، ولو سمى صداقا ) أي وهو قول ابن رشد في المقدمات .

( قوله : ككل لفظ لا يقتضي إلخ ) تحصل من كلامه أن الأقسام أربعة الأول ما ينعقد به النكاح مطلقا سواء سمى صداقا أو لا وهو أنكحت وزوجت والثاني ما ينعقد به إن سمى صداقا وإلا فلا وهو وهبت فقط ، والثالث ما فيه التردد وهو كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة قيل : ينعقد به إن سمى صداقا وقيل : لا ينعقد به مطلقا ، والرابع ما لا ينعقد به مطلقا اتفاقا وهو كل لفظ لا يقتضي البقاء مدة الحياة .

( قوله : من الولي ) أي ولي المرأة .

( قوله : فيفعل ) أشعر إتيانه بالفاء باشتراط الفور بين القبول والإيجاب وصرح به في القوانين فقال والنكاح عقد لازم لا يجوز فيه الخيار ويلزم فيه الفور من الطرفين فإن تأخر القبول يسيرا جاز ، ولكن الذي في المعيار عن الباجي ما يقتضي الاتفاق على صحة النكاح مع تأخر القبول عن الإيجاب وبذلك أفتى العبدوسي والقوري انظر بن .

( قوله : إذ لا يشترط تقديم الإيجاب ) أي من الولي على القبول أي من الزوج .

( قوله : وإن لم يرض الآخر ) أي بعد حصول الصيغة منهما وظاهره أن خيار المجلس غير معمول به عندنا في النكاح وليس كذلك بل هو معمول به ، وأجيب بأن محل العمل به إذا اشترط قرره شيخنا وما ذكره المصنف من لزوم النكاح ، وإن لم يرض هو المعتمد ، ولو قامت قرينة على إرادة الهزل من الجانبين خلافا لقول القابسي : إنه إذا علم الهزل في النكاح فإنه لا يلزم .

( قوله : كالطلاق والعتق ) أي وكذلك الرجعة .




الخدمات العلمية