الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكره ) النفل ( بعد ) طلوع ( فجر ) ولو لداخل مسجد ( و ) بعد أداء ( فرض عصر ) ( إلى أن ترتفع ) الشمس ( قيد ) بكسر القاف أي قدر ( رمح ) من رماح العرب وهي اثنا عشر شبرا بشبر متوسط ( و ) إلى أن ( تصلي المغرب ) فإن دخل المسجد قبل إقامتها جلس ( إلا ركعتي الفجر ) والشفع والوتر بلا شرط ( و ) إلا ( الورد ) أي صلاة الليل ( قبل ) صلاة ( الفرض ) أي الصبح ( لنائم عنه ) أي لمن عادته تأخيره ونام عنه غلبة ولم يخف فوات جماعة ولا إسفارا فيصليه بهذه القيود الأربعة ( و ) إلا ( جنازة وسجود تلاوة ) بعد صلاة الصبح ( قبل إسفار و ) بعد صلاة عصر قبل ( اصفرار ) لا فيهما فيكرهان على المعتمد ( وقطع محرم ) بنافلة ( بوقت نهي ) وجوبا إن كان وقت تحريم وندبا إن كان وقت كراهة [ ص: 188 ] ولا قضاء عليه وظاهر قوله قطع ولو بعد ركعة وأما بعد تمام ركعتين فينبغي عدم القطع لخفة الأمر بالسلام والأمر بالقطع مشعر بانعقاده وأعيدت الجنازة إن صلي عليها بوقت منع ما لم تدفن ومحل منعها أو كراهتها وقتيهما ما لم يخف تغيرها بتأخيرها وإلا صلي عليها بلا خوف .

التالي السابق


( قوله : ولو لداخل مسجد ) أي فلا يطالب بتحية المسجد خلافا للخمي حيث قال لا بأس بالنفل لداخل المسجد بعد غروب الشمس إلى أن تقام الصلاة أي وكذا بعد الفجر إلى أن تقام الصلاة ( قوله : وكره بعد أداء فرض عصر ) أي وأما النفل بعد دخول وقت العصر وقبل أدائه فلا بأس به بل هو مندوب كما يأتي ( قوله : إلى أن ترتفع قيد رمح ) هذا راجع لقوله وكره بعد فجر وحاصله أنه تمتد كراهة النفل بعد الفجر إلى أن يظهر حاجب الشمس فيحرم النفل إلى أن يتكامل ظهور قرصها فتعود الكراهة إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح وبهذا التقرير اندفع الاعتراض بدخول وقت المنع في عموم وقت الكراهة ولم ينبه المصنف على ذلك لقرب العهد بوقت المنع فلا يغفل عنه ( قوله : وإلى أن تصلي المغرب ) هذا راجع لقوله وكره بعد فرض عصر .

وحاصله أنه تمتد كراهة النفل بعد أداء فرض العصر إلى غروب طرف الشمس فيحرم إلى استتار جميعها فتعود الكراهة إلى أن تصلي المغرب وبهذا التقرير اندفع الاعتراض بدخول وقت المنع في عموم وقت الكراهة ( قوله : إلا ركعتي الفجر إلخ ) هذا مستثنى من قوله وكره بعد فجر ( قوله : قبل الفرض ) أي فلا بأس بإيقاعهما قبل صلاة الفرض فإن صلى الفرض فات الورد والشفع والوتر وأخر الفجر لحل النافلة وأما لو تذكر الورد أو الشفع أو الوتر في أثناء الفجر قطعه وإن تذكره بعد صلاته فإنه يصليه ويعيد الفجر إذ لا يفوت الورد والشفع والوتر إلا بصلاة الفرض هذا هو المعتمد ( قوله : لنائم عنه ) أي لكن جواز الورد قبل الفرض لنائم عنه ( قوله : ولم يخف فوات جماعة ) أي ولم يخف بفعله بعد الفجر فوات جماعة الصبح وإلا بادر لفرضه لأن صلاة الجماعة أهم من ألف نافلة انظر بن ( قوله : بهذه القيود الأربعة ) أي وهي أن يكون من عادته تأخيره لآخر الليل وأن يكون نام عنه في تلك الليلة غلبة وأن لا يخاف بفعله بعد الفجر فوات الجماعة في الصبح وأن لا يخاف وقوع الصبح في الإسفار ( قوله : وإلا جنازة وسجود تلاوة ) هذا استثناء من وقتي الكراهة أي من مجموع قوله وكره بعد فجر وفرض عصر ( قوله : لا فيهما فيكرهان على المعتمد ) فلو صلى على الجنازة في وقت الكراهة فإنها لا تعاد بحال بخلاف ما لو صلى عليها في وقت المنع فقال ابن القاسم أنها تعاد ما لم تدفن أي ما لم توضع في القبر وإن لم يسو عليها التراب وقال أشهب لا تعاد وإن لم تدفن وهذا مع عدم الخوف عليها لو أخرت لوقت الجواز أما عند الخوف عليها فيصلي عليها باتفاق ولا إعادة دفنت أم لا وما قاله أشهب اقتصر عليه في الطراز وقال إنه أبين من قول ابن القاسم ( قوله : وقطع محرم بنافلة بوقت نهي ) أي لأنه لا يتقرب إلى الله بمنهي عنه أي وسواء أحرم بها جاهلا أو عامدا أو ناسيا وهذا التعميم في غير الداخل والإمام يخطب يوم الجمعة فإنه إن أحرم بالنافلة جهلا أو نسيانا لا يقطع مراعاة لمذهب الشافعي من أن الأولى للداخل أن يركع ولو كان الإمام يخطب وأما لو دخل [ ص: 188 ] الخطيب عليه وهو جالس فأحرم عمدا أو سهوا أو جهلا أو دخل المسجد والإمام يخطب فأحرم عمدا فإنه يقطع وسواء في الكل عقد ركعة أو لا ( قوله : ولا قضاء عليه ) أي لأنه مغلوب على القطع ( قوله : مشعر بانعقاده ) أي لأن النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة ليس لذات الوقت أي ليس لكون الوقت لا يقبل العبادة كالنهي عن صوم الليل لأن الأوقات المذكورة قابلة للصلاة ولا مانع يمنع من انعقادها كالنهي عن الصوم والصلاة زمن الحيض بل النهي عن الصلاة في تلك الأوقات لأمر خارج عن ذات العبادة وهو كون الساجد في وقت الطلوع والغروب شبيها بالساجد للشيطان والاشتغال عن سماع الخطبة وحينئذ فلا يمنع من انعقادها كالصلاة في الدار المغصوبة فإن النهي عنه لأمر خارج عن ذات العبادة وهو شغل ملك الغير بغير إذنه فلا يقتضي الفساد وقد يقال إن النهي هنا وإن كان لأمر خارج عن ذات العبادة لكنه ملازم للوقت فكان النهي لذات الوقت فلذا استظهر العلامة يحيى الشاوي وشيخنا البطلان وعدم الانعقاد نظير ما قيل في صوم يوم العيد فإن النهي عنه ليس لذات الوقت ولا لمانع من العبادة بل لأمر خارج ملازم للوقت وهو الإعراض عن ضيافة الله ومعلوم أن صوم يوم العيد باطل وغير منعقد فتأمل ( قوله : ما لم تدفن ) أي ما لم توضع في القبر وإن لم يسو عليها التراب فإذا دفنت فلا تعاد وهذا قول ابن القاسم وقال أشهب لا إعادة مطلقا واختاره في الطراز




الخدمات العلمية