الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على قضاء السلم بجنسه شرع في قضائه بغيره فقال ( و ) جاز قضاؤه ولو قبل الأجل ( بغير جنسه ) أي المسلم فيه بشروط أربعة ذكر المصنف منها ثلاثة ، أولها قوله ( إن جاز بيعه ) أي المسلم فيه ( قبل قبضه ) كسلم ثوب في حيوان فأخذ عنه دراهم إذ يجوز بيع الحيوان قبل قبضه ، وثانيها قوله ( و ) جاز ( بيعه ) أي المأخوذ عن المسلم فيه ( بالمسلم فيه مناجزة ) كدراهم في ثوب أخذ عنه طشت نحاس إذ يجوز بيع الطشت بالثوب يدا بيد ولو قال بالمأخوذ ليكون ضمير بيعه عائدا على المسلم فيه لسلم من تشتيت الضمير ، والثالث قوله ( وأن يسلم فيه ) أي في المأخوذ ( رأس المال ) كالمثال المتقدم إذ يجوز سلم الدراهم في طشت نحاس ، والرابع أن يعجل المأخوذ ليسلم من فسخ دين في دين ، ثم بين محترز كل من الثلاثة على طريق اللف والنشر المرتب فقال في محترز الأول ( لا طعام ) أسلم فيه فلا يقضي عنه غيره من نقد أو عرض أو طعام من غير جنسه كفول عن قمح للنهي عن بيع الطعام قبل قبضه وفي محترز الثاني ( و ) لا ( لحم ) غير مطبوخ أي أخذه ( بحيوان ) [ ص: 221 ] أي عن حيوان مسلم فيه ولا عكسه من جنسه إذ لا يجوز بيعه به مناجزة وهذا كالذي قبله عام في بيعه لمن هو عليه أو غيره واستشكل بأن الكلام في القضاء بغير الجنس وبيع اللحم بالحيوان من غير جنسه جائز فلا يصح أن يكون محترز الثاني .

وأجيب بأنه ليس المراد بالجنس ما تقدم في الربويات وإنما المراد به ما يجوز سلمه في غيره كبقر في غنم ومع ذلك فقد يتوهم جواز أخذ لحم أحدهما عن نفس الآخر لاختلاف الجنس هنا فبين المنع للنهي الخاص عن بيع اللحم بالحيوان وفي محترز الثالث ( و ) لا ( ذهب ) عن عرض أو حيوان ( ورأس المال ) المدفوع فيه ( ورق و ) لا ( عكسه ) أي أخذ ورق عن عرض رأس ماله ذهب للصرف المؤخر وهذا خاص بما إذا باع العرض لغريمه فإن باعه لأجنبي فلا يراعى رأس المال فيجوز وقوله وعكسه يرجع لما قبله أيضا كما أشرنا له

التالي السابق


( قوله بشروط أربعة ) أي وجواز القضاء بغير الجنس مشروط بشروط أربعة مطلقا أي سواء كان القضاء بغير الجنس قبل الأجل أو بعده ( قوله ولا لحم ) [ ص: 221 ] أي ولا يجوز أخذ لحم .

( قوله أي عن حيوان مسلم فيه ) فإذا أسلم دراهم أو عرضا في حيوان فلا يجوز أن يأخذ بدله لحما من جنسه أو أسلم في لحم فلا يجوز أن يأخذ بدله حيوانا من جنس اللحم المسلم فيه ( قوله ولا عكسه ) أي فلا يجوز أن يؤخذ حيوان عن لحم مسلم فيه إذا كان ذلك الحيوان المأخوذ من جنس اللحم المسلم فيه ظاهره أنه إذا كان من غير جنسه يجوز وفي بن أن صورة العكس لا يتقيد المنع فيها بالجنس بل تمنع مطلقا لأنه من بيع الطعام قبل قبضه فهذا خارج بالشرط الأول لأن اللحم طعام ( قوله وبيع اللحم بالحيوان من غير جنسه جائز ) أي فيجوز بيع الطير وحيوانات الماء بلحم ذوات الأربع من الأنعام ( قوله وأجيب ) حاصله أن المراد بقوله لا لحم عن حيوان من جنسه أي جنسه في باب الربويات وإن كان غير جنسه هنا في باب السلم فالبقر والغنم جنس واحد في الربويات وجنسان في السلم يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر ومع ذلك لا يجوز أخذ لحم أحدهما قضاء عن الآخر ( قوله ما تقدم في الربويات ) أي من أن ذوات الأربع جنس واحد والطير كله جنس واحد ودواب الماء جنس واحد ( قوله وإنما المراد إلخ ) أي وإنما المراد الجنس في باب السلم وهو ما كانت منفعته متحدة وهو ما يسلم في غيره لاختلاف منفعتهما ( قوله ولا ذهب ) أي ولا يجوز أخذ ذهب عوضا عن عرض .

( قوله ورأس المال ) جملة حالية وقوله المدفوع فيه أي في العرض أو الحيوان ( قوله بما إذا باع العرض لغريمه ) أي وهو من عليه العرض




الخدمات العلمية