الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز الصلح بمال ( على الافتداء من يمين ) أي عنه أي يجوز الافتداء بمال عن يمين توجهت على المدعى عليه ولو علم براءة نفسه ويعد ذلك الافتداء صلحا ( أو السكوت ) أي جاز الصلح عن مقتضى السكوت من حبس أو تعزير كأن ادعى عليه بشيء فسكت ثم دفع له شيئا على أن يترك الدعوى وهو عند ابن محرز كالإقرار والإنكار فيعتبر فيه الشروط الثلاثة الآتية على مذهب الإمام وإنما جعله مثلهما ; لأنه يحتملهما فأعطي حكمهما فلو ادعى عليه بدينار فسكت فصالحه على درهم مؤخر لم يجز بالنظر لدعوى المدعي وأما بالنظر للمدعى عليه فيجوز لاحتمال إنكاره ولو ادعى عليه بإردب من قرض فسكت فصالحه بدينار لم يجز بالنظر للمدعى عليه لاحتمال إقراره وأنه من بيع

التالي السابق


. ( قوله : أي يجوز الافتداء بمال إلخ ) أشار بهذا إلى أن المصالح عنه اليمين لا الافتداء منه كما هو ظاهر كلام المصنف وحينئذ فمن داخلة على المصالح عنه وهي بمعنى عن .

( قوله : ولو علم براءة نفسه ) رد بذلك على ابن هشام الخضراوي في قوله إن علم براءة نفسه وجبت اليمين ولا يجوز أن يصالح لأربعة أمور منها أن فيه إذلال نفسه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أذل نفسه أذله الله } ومنها أن فيه إضاعة المال ومنها أن فيه إغراء للغير ومنها أن فيه إطعام ما لا يحل ورد بأن ترك اليمين وترك الخصام عز لا إذلال وحينئذ فبذل المال فيه ليس إضاعة له لأنه لمصلحة وأما أكل الغير الحرام فلا سبيل على المظلوم فيه إنما السبيل على الذين يظلمون الناس الآية ا هـ وجعل الشارح بهرام ما قاله ابن هشام تقييدا وجزم به في شامله قال ح هو غير ظاهر إذ لم أر ما يعارض هذا الإطلاق ولم أر إلا ما يقويه ا هـ بن ( قوله أو السكوت ) كأن تدعي على شخص بشيء معين فيسكت ثم يصالحك بشيء عما يقتضيه السكوت ويترتب عليه من حبس وتعزير حتى يقر المدعى عليه أو ينكر فيعامل بمقتضى كل منهما .

( قوله : كالإقرار والإنكار ) أي فيعتبر فيه حكم المعاوضة في الإقرار ويعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في الإنكار وظاهر كلام ابن غازي أن ما قاله ابن محرز مقابل الراجح والراجح ما قاله عياض من أن حكم السكوت حكم الإقرار على قول مالك وابن القاسم وقد شهر الفاكهاني ما قاله عياض من أن حكم السكوت حكم الإقرار فقط من اعتبار حكم المعاوضة فيهما على دعوى المدعي ولا يعتبر في الصلح على السكوت ما اعتبر في الإنكار من الشروط الثلاثة قال طفى وهو ظاهر إذ لا معنى لاشتراط الشروط الثلاثة فيه على أنه كالإنكار إذ لا يمكن أن يقال فيه يمنع على دعوى المدعي دون المدعى عليه انظر بن .

( قوله : فيعتبر فيه ) أي في الصلح على السكوت وقوله الشروط المعتبرة في الإنكار .

( قوله : لم يجز إلخ ) أي لأنه لا يجوز أخذ الدراهم عن الدنانير مؤجلة لأنه صرف مؤخر .

( قوله : فيجوز لاحتمال إنكاره ) أي والدراهم إنما دفعها افتداء عن يمينه فلم يلزم الصرف المؤخر وقد يقال إنه يحتمل أيضا إقراره وقد قال أولا إنه يعطى حكمهما فالحق المنع حتى بالنظر للمدعى عليه ( قوله وأنه من بيع ) أي ففيه بيع الطعام من بيع قبل قبضه وهو ممنوع وأما [ ص: 312 ] بالنظر لدعوى المدعي فهو جائز لأن غاية ما فيه بيع طعام القرض قبل قبضه وهو جائز وما ذكره من عدم الجواز بالنظر للمدعى عليه لاحتمال إقراره وأنه من بيع ففيه نظر لأنا إذا نزلنا السكوت منزلة الإقرار فالمدعى عليه موافق للمدعي وطعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه وإن نزلناه منزلة الإنكار كما قال ابن محرز واعتبر فيه الشروط الثلاثة فلا دعوى للمدعى عليه بحال ولا منع من جهته وأما مجرد احتمال إقراره بأنها من بيع فلا عبرة به ولا أثر له لأنه مجرد تجويز عقلي كالوسوسة لا يبنى عليه حكم فالحق أن المدعى عليه إذا لم يجب بشيء فالشرط في الصلح أن يجوز على دعوى المدعي فقط فإن لم يجز على دعواه منع انظر بن




الخدمات العلمية