الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن تعدد حملاء ) غير غرماء ( اتبع كل بحصته ) من الدين بقسمته على عددهم ولا يؤخذ بعضهم عن بعض وهذا إذا تحملوه دفعة بأن يقول كل واحد ضمانه علينا ويوافقه الباقي أو يقال لهم أتضمنون فلانا فيقولون نعم أو ينطق الجميع دفعة واحدة وأما لو قال واحد أو كل واحد ضمانه علي فهو مستقل كما يأتي [ ص: 342 ] ( إلا أن يشترط ) رب الدين في عقد الحمالة ( حمالة بعضهم عن بعض ) فيؤخذ كل واحد بجميع الحق في عدم الباقي أو غيبته فإن زاد على الشرط المذكور أيكم شئت أخذت بحقي فله أن يأخذ من كل واحد الجميع ولو كان غيره حاضرا مليئا ثم شبه في مفهوم قوله إلا أن يشترط حمالة إلخ فكأنه قال فإن اشترط ذلك رجع على كل بجميع الحق قوله ( كترتبهم ) في الحمالة أي ضمن كفيل بعد كفيل ولو بلحظة فله أخذ جميع حقه من أحدهما ولو كان الآخر حاضرا مليئا وسواء شرط حمالة بعضهم عن بعض أم لا علم أحدهم بحالة الآخر أم لا ( ورجع ) الغارم ( المؤدي ) اسم فاعل ( بغير المؤدى ) اسم مفعول ( عن نفسه ) أي رجع من أدى الدين لربه على الضامن الآخر بغير القدر الذي أداه عن نفسه وأبدل من قوله بغير إلخ قوله ( بكل ما على الملقي ) بفتح الميم وكسر القاف اسم مفعول من الثلاثي أصله ملقوي ( ثم ساواه ) فيما غرمه عن غيره وذلك فيما إذا كانوا حملاء غرماء بدليل تمثيله أو حملاء فقط واشترط حمالة بعضهم عن بعض على أحد التأويلين الآتيين وسواء في القسمين قال أيكم شئت أخذت بحقي أو لا مثال ذلك ما إذا اشترى ثلاثة أنفار مثلا سلعة بثلثمائة على كل مائة وكل حميل عن بعض فإذا لقي البائع أحدهم أخذ منه الجميع مائة عن نفسه ومائتين عن صاحبيه فإذا وجد الغارم أحدهما أخذه بمائة عن نفسه وبخمسين نصف ما على الثالث ثم كل من وجد الثالث [ ص: 343 ] أخذه بخمسين ومثال ذلك أيضا مسألة المدونة التي أفردها بعض الناس بالتأليف وقد أشار لها المصنف مفرعا لها بالفاء على ذلك بقوله ( فإن ) ( اشترى ستة ) سلعة مثلا ( بستمائة ) من رجل ( بالحمالة ) أي على أن كل واحد منهم عليه مائة عن نفسه أصالة والباقي حمالة ( فلقي ) البائع ( أحدهم أخذ منه الجميع ) الستمائة ( ثم إن لقي ) المؤدي ( أحدهم ) أي أحد الخمسة الباقين ( أخذه بمائة ) أصالة ( ثم ) يقول له غرمت عن نفسي مائة لا رجوع لي بها على أحد وخمسمائة عنك وعن أصحابك فالمائة التي عليك قد وصلت لي يبقى أربعمائة فساوني فيها فيأخذه ( بمائتين ) حمالة فكل منهما غرم ثلثمائة مائة عن نفسه ومائتين عن الأربعة الباقين ( فإن لقي أحدهما ) ثالثا من الأربعة ( أخذه بخمسين ) أصالة ; لأنه غرم عنهم مائتين على كل خمسون أصالة يبقى مائة وخمسون أداها بالحمالة يساويه فيها ( و ) يأخذه ( بخمسة وسبعين ) فقد غرم هذا الثالث مائة وخمسة وعشرين ( فإن لقي الثالث ) الغارم عن الثلاثة الباقين خمسة وسبعين ( رابعا ) منهم ( أخذه بخمسة وعشرين ) أصالة يبقى للثالث خمسون فيساويه فيها الرابع ( و ) يأخذه ( بمثلها ) خمسة وعشرين ( ثم ) إن لقي هذا الرابع خامسا أخذه ( باثني عشر ونصف ) أصالة ; لأنه يقول دفعت خمسين نصفها خمسة وعشرون عنك وعن صاحبك فيساويه فيها ( و ) يأخذه ( بستة وربع ) فإذا لقي الخامس السادس أخذه بستة وربع ; لأنه أداها عنه وحده وسكت عنه المصنف لوضوحه ولهم في التراجع على بعضهم بعضا ليستوفي كل حقه عمل يطول يطلب من المطولات

التالي السابق


. ( قوله : غير غرماء ) أما لو تعدد الحملاء الغرماء كما لو اشترى جماعة سلعة شركة بينهم وضمن كل واحد منهم أصحابه فإن رب الدين يتبع كل من وجده منهم بجميع الثمن عند عدم الباقي أو غيبته .

( قوله : اتبع كل إلخ ) أي عند غيبة المدين أو موته أو عدمه أو لدده .

( قوله : أو ينطق الجميع دفعة واحدة ) أي بقولهم نضمنه .

( قوله : فهو مستقل ) أي بجميع الحق وقوله كما يأتي أي في قوله [ ص: 342 ] كترتبهم .

( قوله : إلا أن يشترط إلخ ) استثناء متصل أي اتبع كل بحصته في الأحوال إلا أن يشترط إلخ ولا وجه لقول عبق أنه منقطع .

( قوله : في عدم الباقي أو غيبته ) أي وحينئذ فيؤخذ المليء عن المعدم لا عن مليء ويؤخذ الحاضر عن الغائب لا عن حاضر مثله ويؤخذ الحي عن الميت .

( قوله : فله أن يأخذ من كل واحد الجميع ولو كان غيره حاضرا إلخ ) ومثل ذلك ما إذا تعددوا ولم يشترط حمالة بعضهم عن بعض لكن قال أيكم شئت أخذت بحقي والحاصل أن هذه المسألة التي نحن بصددها وهي ما إذا تعدد الحملاء من غير ترتيب ذات أطراف أربعة تعدد الحملاء ولم يشترط حمالة بعضهم عن بعض ولا أخذ أيهم شاء بحقه فلا يؤخذ كل واحد إلا بحصته ، تعدد الحملاء واشترط حمالة بعضهم عن بعض فيؤخذ كل واحد بجميع الحق إن غاب الباقي أو أعدم ، تعدد الحملاء واشترط حمالة بعضهم عن بعض وقال مع ذلك : أيكم شئت أخذت بحقي أخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا وللغارم في هاتين الحالتين الرجوع على أصحابه وله الرجوع على الغريم ، تعدد الحملاء ولم يشترط حمالة بعضهم عن بعض ولكن قال أيكم شئت أخذت بحقي أخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا وليس للغارم الرجوع على أحد من أصحابه بل على الغريم .

( قوله : ثم شبه في مفهوم قوله إلخ ) أي تشبيها غير تام لأنه عند اشتراط حمالة بعضهم عن بعض يأخذ كل واحد بجميع الحق عند عدم الباقي أو غيبته وعند ترتبهم في الحمالة يؤخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا .

( قوله : ورجع المؤدي إلخ ) حاصله أن الحملاء إذا كان الحق عليهم أو على غيرهم على أحد التأويلين الآتيين وغرم أحدهم الحق لرب المال فإن المؤدى يرجع على من لاقاه من الحملاء بما عليه خاصة ولا يأخذ منه ما أداه عن نفسه ثم يساويه في غرم ما دفعه عن غيره كما في المثال المذكور في الشارح .

( قوله : وأبدل إلخ ) أي بدل بعض من كل ولا يحتاج لرابط إذا كان جارا ومجرورا كما هنا أو كان فعلا كما في إن تصل تسجد لله يرحمك .

( قوله : اسم مفعول من الثلاثي ) وحينئذ فهو بزنة مفعول لقول الخلاصة : وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد زنة مفعول كآت من قصد .

( قوله : ملقوي ) أي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء .

( قوله : وذلك فيما إذا كانوا حملاء غرماء إلخ ) أشار الشارح إلى أن التراجع على الكيفية التي ذكرها المصنف في قوله ورجع المؤدي إلخ إنما يجري في الأربع صور التي ذكرها وهي ما إذا كان الحملاء غرماء أو كانوا غير غرماء واشترط حمالة بعضهم عن بعض سواء قال أيكم شئت أخذت بحقي أم لا ولا يجري في مسألة ترتبهم ولا فيما إذا تعددوا من غير ترتب ولم يكن بعضهم حميلا عن بعض ولو قال مع ذلك أيكم شئت أخذت بحقي لأن في مسألة الترتيب إنما يرجع المؤدى على الغريم ولا رجوع له على أحد من أصحابه الحملاء وكذا في مسألة ما إذا لم يكن بعضهم حميلا عن بعض وقال مع ذلك أيكم شئت أخذت بحقي فكل من غرم الجميع رجع على الغريم بما دفعه ولا رجوع له على أحد من أصحابه الحملاء كما مر وأما إذا لم يقل ذلك فإنما يغرم كل واحد ما يخصه فقط .

( قوله : على أحد إلخ ) راجع لقوله أو حملاء فقط كما يأتي .

( قوله مثال ذلك إلخ ) هذا مثال لما إذا كانوا حملاء غرماء ومثال ما لو كانوا حملاء غير غرماء ما لو اشترى زيد سلعة بثلثمائة وضمنه كل من ثلاثة وشرط البائع حمالة بعضهم عن بعض سواء قال أيكم شئت أخذت بحقي أو لا فإذا حل الأجل ووجد واحدا أخذ منه الثلثمائة وإذا وجد الغارم واحدا من صاحبيه رجع عليه بمائة وخمسين وإذا لقي أحدهما الثالث رجع عليه بخمسين على أحد التأويلين كما يأتي ( قوله وكل حميل عن بعض ) أي سواء قال رب المال وقت [ ص: 343 ] عقد الحمالة أيكم شئت أخذت بحقي أم لا ( قوله على ذلك ) أي على قوله ورجع المؤدي إلخ .

( قوله : يبقى أربعمائة ) أي دفعتها عن أصحابنا وقوله فساوني فيها أي لأنك شريكي فيها بالحمالة .

( قوله : لأنه غرم عنهم ) أي عن الأربعة الباقين .

( قوله : أداها بالحمالة ) أي عن الثلاثة الباقين وقوله يساويه فيها أي لأنه شريكه فيها بالحمالة .

( قوله : فقد غرم هذا الثالث مائة وخمسة وعشرين ) خمسون منها أصالة وخمسة وسبعون حمالة .

( قوله : يبقى للثالث خمسون ) أي حمالة عن الاثنين الباقيين .

( قوله : خمسة وعشرين ) أي فيكون هذا الرابع قد دفع خمسين نصفها أصالة ونصفها حمالة .

( قوله : ثم إذا لقي هذا الرابع خامسا إلخ ) حاصله أن الرابع يقول للخامس أنا دفعت خمسين خمسة وعشرين عن نفسي أصالة فلا رجوع لي بها ودفعت عنك وعن صاحبك خمسة وعشرين يخصك نصفها أصالة اثنا عشر ونصف ويخص صاحبك اثنا عشر ونصف أنت شريكي فيها بالحمالة فيأخذ منه نصفها ستة وربعا فيكون مجموع ما دفعه الخامس للرابع ثمانية عشر وثلاثة أرباع .

( قوله : يطلب من المطولات ) أي ولم يتفق تتميم العمل في درس لأحد من المتقدمين ولا من المتأخرين قاله شيخنا العدوي




الخدمات العلمية