الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وأدب ) غاصب ( مميز ) صغير ، أو كبير بخلاف غيره كمجنون وصبي لم يميز لحق الله تعالى ولو عفا عنه المغصوب منه باجتهاد الحاكم ، وإنما أدب الصبي ; لأنه لدفع الفساد ، وإصلاح حاله كما تضرب الدابة لذلك ( كمدعيه ) أي كما يؤدب مدعي الغصب ( على صالح ) ، وهو من لا يتهم به لا خصوص الصالح عرفا ، وهو القائم بحقوق الله تعالى وعباده حسب الإمكان بخلاف مدعيه على فاسق ، أو مجهول حال فلا يؤدب وحلف الفاسق إن لم تكن للمدعي بينة ، وإلا ضمن إن حلف المدعي ( وفي حلف المجهول ) ( قولان ) قيل يحلف ليبرأ من الغرم فإن نكل حلف المدعي واستحق فإن نكل فلا شيء له [ ص: 443 ] وقيل لا .

التالي السابق


( قوله وأدب ) أي وجوبا بعد أن يؤخذ منه ما غصبه ( قوله صغير ، أو كبير ) أي سواء كان بالغا ، أو غير بالغ وقيل غير البالغ لا يؤدب وحكى القولين ابن عرفة عن ابن رشد واللخمي وابن شعبان ( قوله بخلاف غيره ) أي بخلاف غير المميز فلا يؤدب .

( قوله لحق الله تعالى ) علة لقول المصنف وأدب مميز ، وهذا التعليل يجري في البالغ ، والصغير وقوله بعد ، وإنما إلخ علة أخرى لتأديب الغير ( قوله ولو عفا عنه المغصوب منه ) أي خلافا للمتيطي حيث قال لا يؤدب إذا عفا عنه المغصوب منه ( قوله باجتهاد الحاكم ) أي وتأديب الغاصب المميز باجتهاد الحاكم فلا يحد بقدر معلوم من الأسواط كالحدود ( قوله كمدعيه على صالح ) .

قال في النوادر محل أدب من ادعاه على صالح إذا كانت الدعوى على وجه المشاتمة لا إن كانت على وجه التظلم نقله بن فإذا ادعي عليه الغصب على وجه التظلم فلا يمين عليه اتفاقا ، بل إن أقام المدعي بينة غرم ، وإلا فلا شيء عليه ( قوله ، وهو من لا يتهم به ) أي ولو اتهم بغيره كزنا وسكر ، قاله شيخنا .

وقيل المراد بالصالح من كان من أهل الخير ، والدين ، فعلى هذا لا يؤدب من ادعاه على من يتهم بالزنا ، والسكر .

( قوله بخلاف مدعيه على فاسق ) أي ، وهو من يشار إليه بالغصب ولم يكن مشتهرا به ( قوله ، أو مجهول حال ) ، وهو من لا يعرف بخير ولا بشر ( قوله وحلف الفاسق ) أي إذا ادعى عليه شخص أنه غصب كذا وقوله إن لم تكن للمدعي بينة أي على ذلك الفاسق بالغصب ( قوله ، وإلا ضمن ) أي ، وإلا يحلف الفاسق ضمن ما ادعي عليه به أنه غصبه ( قوله وفي حلف المجهول حاله ) أي إذا ادعي عليه بأنه غصب كذا أي وعدم حلفه قولان ، وأما إذا ادعي على من كان مشهورا بالغصب فإنه يهدد ذلك المدعى عليه ويسجن لعله يخرج عين المغصوب فإن لم يخرج شيئا حلف وبرئ فإن نكل حلف المدعي واستحق ، فظهر لك أن الأقسام أربعة ; لأن المدعى عليه بالغصب إما صالح ، وإما فاسق يشار إليه بالغصب ولم يشتهر به ، وإما مجهول حاله ، وإما مشهور بالغصب [ ص: 443 ] قوله وقيل لا ) أي وقيل لا تتوجه عليه اليمين ، بل إن أقام المدعي بينة عليه بالغصب غرم ، وإلا فلا شيء عليه ، والقول الثاني أظهر لقاعدة أن كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها ، والغصب من باب التجريح ، وهو إنما يثبت بعدلين .




الخدمات العلمية