الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 261 ] ( وإن لم يقدر ) المكلف على شيء من أركانها ( إلا على نية ) فقط ( أو مع إيماء بطرف ) مثلا ( فقال ) المازري في الثانية ( و ) قال ( غيره ) وهو ابن بشير في الأولى ( لا نص ) في المذهب على وجوبها بما قدر عليه مما ذكر ( ومقتضى المذهب الوجوب ) أي قال كل منهما في مسألته لا نص ومقتضى المذهب الوجوب إلا أن ابن بشير قال في مسألته لا نص صريحا وهو يقتضي أن مقتضى المذهب الوجوب فيكون مقولا له ضمنا والمازري قال في مسألته : مقتضى المذهب الوجوب وهو يقتضي أنه لا نص صريحا فيكون مقولا له ضمنا فقد صح القول بأن كلا منهما قال بالأمرين وإن كان بعض المقول ضمنا والبعض صريحا وهذا أولى من جعله لفا ونشرا مشوشا بالنظر للقائل والمقول ومرتبا بالنظر للتصوير والمقول ( وجاز ) لمكلف ( قدح عين ) أي إخراج مائها للرؤية أي لعود بصره بلا وجع وإلا جاز ولو أدى إلى استلقاء اتفاقا ولا مفهوم للعين بل مداواة سائر الأعضاء كذلك [ ص: 262 ] ( أدى ) ذلك القدح ( لجلوس ) في صلاته ولو مومئا ( لا ) إن أدى إلى ( استلقاء ) فيها فلا يجوز ويجب القيام وإن ذهبت عيناه ( فيعيد أبدا ) إن صلى مستلقيا عند ابن القاسم وقال أشهب هو معذور فيجوز ابن الحاجب وهو الصحيح وإليه أشار بقوله ( وصحح عذره أيضا وهو الذي تجب به الفتوى لأنه مقتضى الشريعة السمحة )

التالي السابق


( قوله وإن لم يقدر إلا على نية ) أي إلا على قصد الصلاة وملاحظة أجزائها بقلبه ولم يقدر على حركة بعض الأعضاء من رأس أو يد أو حاجب أو غير ذلك .

( قوله إلا أن ابن بشير قال في مسألته لا نص صريحا ) نص كلامه وإن عجز عن جميع الأركان فلا يخلو من أن يقدر على حركة بعض الأعضاء من رأس أو يد أو حاجب أو غير ذلك من الأعضاء فهذا لا خلاف أنه يصلي ويومئ بما قدر على حركته فإن عجز عن جميع ذلك سوى النية بالقلب فهل يصلي أم لا هذه الصورة لا نص فيها في المذهب وأوجب الشافعي القصد إلى الصلاة وهو أحوط ومذهب أبي حنيفة إسقاط الصلاة عمن وصل لهذه الحالة .

( قوله وهو يقتضي أن مقتضى المذهب الوجوب ) فيه أن قوله لا نص لا يقتضي أن مقتضى المذهب الوجوب إذ هو أعم وقد يجاب بأن المراد أنه يقتضي بواسطة ما انضم إليه من قوله وأوجب الشافعي القصد إليها وهو الأحوط لأن قوله وهو الأحوط يتضمن أن مقتضى المذهب الوجوب ولأنه إذا لم يقع نص من أصحاب الإمام فيها وقال الشافعي بالوجوب ينبغي أن لا نخالفه في ذلك .

( قوله والمازري قال في مسألته إلخ ) نص كلامه في شرحه للتلقين إذا لم يستطع المريض أن يومئ برأسه للركوع والسجود فمقتضى المذهب فيما يظهر لي أنه يومئ بطرفه وحاجبه ويكون مصليا به مع النية واعترض عليه بأن هذا قصور منه فإن ابن بشير ذكر مسألته وصرح فيها بالجواب كما تقدم لك نص كلامه تأمل .

( قوله فقد صح إلخ ) أي واندفع اعتراض ابن غازي وحاصله أن المازري إنما قال مقتضى المذهب الوجوب ولم يقل لا نص وابن بشير قال بالعكس وكل واحد منهما كلامه في مسألة وظاهر كلام المصنف أن كلا من الشيخين قال كلا من العبارتين في المسألتين وليس كذلك وأجاب الشارح بأجوبة ثلاثة أولها أولاها لأنه أتم فائدة .

( قوله وهذا ) أي التعميم في القول أي أنه أعم من الصراحة والضمنية ( قوله بالنظر للقائل ) هو ابن بشير والمازري والمقول هو قوله لا نص ومقتضى المذهب الوجوب فالأول من المقول راجع للثاني من القائلين والثاني من المقول راجع للأول من القائلين .

( قوله بالنظر للتصوير ) هو قوله إلا على نية أو على نية مع إيماء بطرف .

( قوله والمقول ) هو قوله لا نص ومقتضى المذهب الوجوب .

( قوله بلا وجع ) الأولى أن يقول لا لوجع أي أن الخلاف محله إذا كان القدح لعود بصره أما القدح لوجع أو صداع فلا [ ص: 262 ] خلاف في جوازه وإن أدى لاستلقاء .

( قوله أدى لجلوس في صلاته ) أي ولو أكثر من أربعين يوما .

( قوله ولو مومئا ) أي هذا إذا كان يصلي وهو جالس من غير إيماء للركوع والسجود بل ولو كان يصلي وهو جالس بالإيماء إليهما .

( قوله فلا يجوز ) أي القدح ولو تحقق نفعه وقوله ويجب عليه القيام أي إذا خالف وقدح وقوله فيعيد أبدا إذا خالف وصلى مستلقيا هذا مراد المصنف وليس معناه أن له أن يصلي مستلقيا ثم يعيد أبدا كما توهمه بعضهم لأنه توهم فاسد بل معناه كما مر أنه يمنع من القدح المؤدي للاستلقاء ويمنع من صلاته مستلقيا فإن صلى مستلقيا أعاد أبدا وإنما فرق ابن القاسم بين الجلوس والاستلقاء لأن الجالس يأتي بالعوض عن الركوع والسجود وهو الإيماء بالرأس يطأطئه والمستلقي لا يأتي بعوض وإنما يأتي عند الركوع والسجود بالنية من غير فعل




الخدمات العلمية