الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وللمريض ) مرضا مخوفا ( اشتراء من يعتق عليه ) كابنه وأبيه ( بثلثه ) فأقل ويعتق عليه ناجزا ويرث لتقدم عتقه على موته وأما بأكثر من ثلثه فلا يرث وخير الوارث إن كان لا يعتق فيما زاد على الثلث فإن أجاز فظاهر وإن رده عتق منه محمل الثلث فإن كان يعتق عليه أيضا كالابن والأخ فلا خيار له وعتق الباقي عليه وعلى كل حال فالشراء صحيح لازم ( و ) لا ( يرث ) وقيل بل إذا أجاز الوارث في المرض ورث [ ص: 445 ] لأن إجازته في المرض لازمة لا رجوع له فيها فقد تحقق عتقه قبل الموت نعم إن أجاز بعد الموت لم يرث ( لا إن ) ( أوصى بشراء ابنه ) أو أبيه أو أخيه بعد موته فاشترى ( وعتق ) فلا يرث ; لأن عتقه بعد الموت ( وقدم الابن على غيره ) يعني أنه إذا اشترى ابنه أو من يعتق عليه في المرض وبتل عتق غيره وضاق الثلث عن حمل الجميع فإنه يقدم الابن أي من يعتق عليه على غيره وظاهره وقع ذلك في وقت واحد أو وقتين وأما لو اشترى ابنه في المرض وغيره ممن يعتق عليه فيتحاصان إن اشتراهما صفقة واحدة وإلا قدم الأول على الراجح .

التالي السابق


( قوله وللمريض اشتراء من يعتق عليه ) أي سواء كان يعتق على وارثه أيضا كأن يشتري المريض ابنه مع وجود ابن له آخر أو كان لا يعتق على وارثه كأن يشتري المريض أخاه وكان الوارث له ابن عمه ( قوله ويرث ) أي كل المال أو بعضه واعترض على المصنف بأن في اشترائه من يعتق عليه في حال مرضه إدخال وارث وهو منهي عنه فمقتضاه عدم إرثه ; لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا وأجيب بأن المنهي عنه إدخال وارث بسبب من أسباب الإرث التي تطرأ كتزوج المريض فإن الزوجة المنكوحة في المرض وارثة بسبب النكاح الطارئ وما هنا ليس كذلك إذ المشتري وارث قطعا والشراء إنما أوجب رفع المانع من الإرث .

( قوله وخير الوارث إن كان ) أي ذلك العبد المشترى في المرض لا يعتق عليه أي على الوارث بل يعتق على المريض فقط كما لو اشترى المريض أخاه وكان الوارث له ابن عمه وقوله فإن أجازه أي فإن أجاز الشراء بزائد على الثلث وقوله فظاهر أي فعتقه ظاهر وإن كان لا يرث وذلك ; لأن إجازة الوارث إنما تكون معتبرة بعد الموت وحينئذ فما زاد على ثلث المريض من ذلك العبد لا يعتق إلا بعد الإجازة الكائنة بعد الموت فيكون بعض ذلك العبد رقيقا حين الموت فلا يرث واعترض بأن إجازة الوارث في المرض لازمة من حين الإجازة وحينئذ فمقتضاه أنه يرث وأجيب بأنا لما لم يقطع باستمرار تلك الحالة لاحتمال صحة المورث أو تغير الوارث المجيز قبل موت الموصي لم يحكم بالإرث بالإجازة الأولى ، وقد يقال على هذا الجواب إذا مات الموصي بمرض موته ولم يتغير الوارث فما المانع من الإرث حينئذ بالإجازة الأولى لانتفاء موانعه .

( قوله وإن رده ) أي رد ما زاد على الثلث .

( قوله فإن كان ) أي ذلك العبد المشترى في المرض .

( قوله يعتق عليه ) أي على الوارث .

( قوله كالابن والأخ ) أي كما لو اشترى المريض ابنه مع وجود ابن آخر أو أخاه مع وجود أخ آخر هذا هو المراد وليس المراد أنه اشترى ابنه مع وجود أخيه أو اشترى أخاه مع وجود ابنه ; لأن العبد المشترى لا يعتق على الوارث حينئذ بل على الميت فقط تأمل .

( قوله فلا خيار له ) أي فلا خيار للوارث فيما زاد على الثلث ويعتق ما زاد على الثلث مطلقا سواء أجاز أو لم يجز .

( قوله وعلى كل حال ) أي سواء أجاز الوارث أم لا .

( قوله ولا يرث ) وذلك ; لأن المريض إذا اشترى من يعتق عليه وعلى وارثه بماله كله مثلا فإنه يعتق عليه بمجرد الشراء ثلثه وما زاد على الثلث لا يعتق إلا بعد الموت ودخوله في ملك الوارث ، وحينئذ فذلك العتيق كان بعضه وقت الموت رقا فلا يرث .

( قوله وقيل بل إذا أجاز الوارث في المرض ) [ ص: 445 ] أي ما زاد على الثلث سواء كان العبد المشترى في المرض يعتق على ذلك الوارث المجيز أم لا .

( قوله ; لأن إجازته في المرض ) أي ; لأن إجازة الوارث ما زاد على الثلث في المرض لازمة إذا كان لا عذر له في الإجازة وكان لا يجهل أن له الإجازة والرد كما مر وقوله فقد تحقق عتقه قبل الموت أي وحينئذ فيرث ( قوله لم يرث ) أي ; لأن بعضه وقت الموت كان رقا وهذا القول ظاهر لسلامته من الاعتراض بخلاف القول الأول لكن ظاهر كلامهم اعتماد الأول وعليه اقتصر في المج .

( قوله وعتق ) أي بمجرد شرائه فلا يفتقر إلى صيغة عتق من الموصي ; لأن الأب لما أوصى بشرائه فكأنه اشتراه .

( قوله ; لأن عتقه بعد الموت ) أي ووقت الموت كان غير وارث ; لأنه كان رقيقا والرق حين الموت مانع من الإرث .

( قوله يعني أنه إذا اشترى ابنه أو من يعتق عليه في المرض إلخ ) أشار الشارح بهذا التقرير إلى أن قول المصنف وقدم الابن على غيره من تتمة قوله وللمريض إلخ وأنه لا مفهوم للابن ونحوه لابن مرزوق وقرره بهرام والبساطي وتت على أنه من تتمة قوله لا إن أوصى بشراء ابنه ، أي أنه إذا أوصى بشراء ابنه ومن يعتق عليه وضاق الثلث عن حملها فيقدم الابن سواء وقعت الوصية بشرائهما في وقت واحد أو وقتين تقدمت الوصية بشراء الابن أو تأخرت ، وفيه نظر بل الذي ينبغي أن الحكم في هذه كالحكم فيما إذا اشتراهما أي ابنه ومن يعتق عليه في المرض المذكور في الشارح وحينئذ فيتحاصان إن أوصى بشرائهما صفقة واحدة وإلا قدم صاحب الوصية الأولى .

( قوله ممن يعتق عليه ) أي وضاق الثلث عن حملهما فيتحاصان .

( قوله وإلا قدم الأول ) أي وإلا بأن اشتراهما مترتبين قدم الأول على الراجح ومقابله أنه يقدم الابن مطلقا أي سواء اشتراهما صفقة أو مترتبين والحاصل أن الصور ثلاثة الأولى أن يشتري في المرض من يعتق عليه ويبتل عتق غيره فيه ، والثانية أن يشتري في المرض ابنه ومن يعتق عليه غيره ، والثالثة أن يوصي بشرائهما وفي كل أي إما يتحمل الثلث الأمرين أو يضيق عنهما فإن تحمل الثلث كلا من الأمرين في كل مسألة نفذا ، وإن ضاق عن تحمل الأمرين قدم في الأولى من يعتق عليه ، وفي الثانية يتحاصان إن اشتراهما صفقة وإلا قدم الأول ، وفي الثالثة يتحاصان إن أوصى بشرائهما صفقة وإلا قدم الموصى بشرائه أولا على الراجح فيهما وقيل يقدم الابن فيهما مطلقا وهو ضعيف




الخدمات العلمية