الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم بين نهاية القصر بقوله ( إلى محل البدء ) أي جنسه فيصدق بعوده لما قصر منه وبدخوله لبلد أخرى ( لا أقل ) من أربعة برد فلا يقصر أي يحرم وتبطل في خمسة وثلاثين ميلا وصحت في أربعين إلى ثمانية وأربعين ولا إعادة قطعا وإن حرم وتصح فيما بينهما على المعتمد ولا إعادة .

وقيل يعيد في الوقت وإنما صرح بقوله لا أقل وإن فهم مما تقدم ليرتب عليه قوله ( إلا كمكي ) ومنوي ومزدلفي ومحصبي فإنه يسن له القصر ( في خروجه ) من محله ( لعرفة ) للحج ( و ) في ( رجوعه ) لبلده حيث بقي عليه عمل من النسك بغيرها وإلا أتم حال رجوعه كمنوي راجع من مكة بعد الإفاضة لمنى لأن ما عليه من الرمي إنما هو في محله وفهم من قوله في خروجه ورجوعه أن كلا من أهل هذه الأمكنة يتم مكانه ولو كان يعمل بغيره عملا كمكي رجع يوم النحر لمكة للإفاضة ويقصر بغيره ولم يعلم من كلامه حكم العرفي لقوله في خروجه لعرفة والمعتمد أنه كالمكي فيقصر في خروجه منها للنسك من إفاضة وغيرها ويتم بها ثم سن القصر لمن ذكر مع قصر المسافة للسنة

التالي السابق


( قوله إلى محل البدء ) المتبادر من المصنف أن المعنى حتى يأتي المكان الذي قصر منه في خروجه فإذا أتاه أتم وحينئذ فمنتهى القصر في الرجوع وهو مبدؤه في الخروج فيعترض عليه بأن هذا خلاف قول المدونة وإذا رجع من سفره فليقصر حتى يدخل البيوت أو قربها فإن هذا يدل على أن منتهى القصر ليس كمبدئه وأجاب بعضهم بحمل كلام المصنف على منتهى سفره في الذهاب لا في الرجوع فهو ساكت عنه أي يقصر إذا بلغ منتهى سفره إلى نظير محل البدء فالكلام على حذف مضاف أو المراد إلى المحل المعتاد لبدء القصر منه في حق من خرج من ذلك البلد الذي وصل إليه وهو البساتين في البلد الذي له ذلك أو المحلة في البدوي ومحل الانفصال في غيرهما وأما كلام المدونة فمحمول على منتهى السفر في الرجوع للبلد الذي سافر منه لكن يرد على المدونة شيء وهو أنه يلزم من الدخول القرب وحينئذ فما معنى العطف وأجيب بأجوبة منها أن أو بمعنى الواو والعطف تفسيري أي أن المراد بدخولها الدنو والقرب منها والمراد بالقرب أقل من ميل ومنها أن الدخول لمن استمر سائرا وقوله أو قربها بالنسبة لمن نزل خارجها لاستراحة مثلا ومنها أن قوله حتى يدخل قوله وقوله أو يقاربها قول آخر وتظهر ثمرة الخلاف فيمن نزل خارجها بأقل من الميل وعليه العصر ولم يدخل حتى غربت الشمس فعلى الأول يصلي العصر سفرية وعلى الثاني حضرية وأما شارحنا فجعل كلام المصنف شاملا لمنتهى السفر في الذهاب والرجوع وفيه أنه على شموله لمنتهاه في الرجوع يكون ماشيا على ضعيف وهو قول ابن بشير وابن الحاجب لا على كلام المدونة تأمل ( قوله أي جنسه ) أي إلى أن يصل إلى محل جنس البدء فيصدق بعوده للبلد الذي قصر منه وهي التي ابتدأ السير منها وهي النهاية في الرجوع وبدخوله لبلد أخرى أي وهي منتهى السفر في الذهاب .

( قوله أي يحرم ) أي وليس المراد ما يعطيه ظاهره من أنه لا يسن القصر في أقل من أربعة برد الصادق بجوازه وندبه .

( قوله وتبطل إلخ ) اعلم أن القصر فيما دون أربعة برد ممنوع اتفاقا والنزاع إنما هو فيما بعد الوقوع كما قال الشارح وما ذكر من الخلاف في الإعادة في الصلاة لا يأتي في الصوم بل متى كانت المسافة أقل من أربعة برد وأفطر لزمته الكفارة ما لم يكن متأولا .

( قوله وتصح فيما بينهما ) أي فيما بين الخمسة والثلاثين والأربعين .

( قوله فإنه يسن له القصر في حال خروجه ) أي ولا يشترط مجاوزة البساتين أن لو كان فيها ذلك ( قوله حيث بقي عليه عمل إلخ ) أي كمكي في حال رجوعه من منى لبلده لأنه بقي عليه عمل يعمله في غير محله وهو النزول بالمحصب هذا وما ذكره الشارح من التقييد تبعا لغيره ففيه نظر بل يقصر في رجوعه لبلده مطلقا وإن لم يبق عليه شيء من النسك لا بها ولا بغيرها على ما رجع إليه مالك كما في ح فالصواب إبقاء المصنف على إطلاقه ا هـ بن وعلى هذا فكل من المحصبي والمزدلفي يقصر في حال رجوعه من منى لبلده .

( قوله والمعتمد أنه كالمكي ) أي وعليه اقتصر في التوضيح ونقله عياض في الإكمال عن مالك ومقابله ما ذكره الشيخ أحمد الزرقاني أن العرفي لا يقصر وهذا القول ذكره ابن عرفة عن الباجي




الخدمات العلمية