الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والقبر ) لغير السقط ( حبس لا يمشى عليه ) أي يكره حيث كان مسنما والطريق دونه وإلا جاز ولو بنعل وكذا الجلوس عليه ( ولا ينبش ) أي يحرم ( مادام ) الميت أي مدة ظن دوام شيء من عظامه غير عجب الذنب ( به ) أي فيه وإلا جاز المشي والنبش للدفن فيه لا بناؤه دارا ولا حرثه للزراعة واستثنى من منع النبش مسائل فقال ( إلا أن يشح رب كفن غصبه ) بالبناء للمجهول غصبه الميت أو غيره فينبش إن أبى من أخذ القيمة ولم يتغير الميت ( أو يشح رب قبر ) حفر ( بملكه ) بغير إذنه ( أو نسي معه مال ) لغيره ولو قل أو له وشح الوارث وكان له بال إن لم يتغير الميت وإلا أجبر غير الوارث على أخذ القيمة أو المثل ولا شيء للوارث ( وإن كان ) القبر المحفور ( بما ) أي بمكان ( يملك فيه الدفن ) كأرض محبسة له أو مباحة فدفن فيه ميت بغير إذن حافره ( بقي ) الميت فيه [ ص: 429 ] ( وعليهم ) أي على ورثة المدفون فيه ( قيمته ) أي قيمة الحفر

التالي السابق


( قوله والقبر حبس ) أي على الدفن فإن نقل منه الميت أو بلي لم يتصرف فيه بغير الدفن كالزرع وبنائه بيتا للانتفاع به ( قوله حيث كان مسنما والطريق دونه ) أي وظن دوام شيء من عظامه فيه كما قال المصنف فكراهة المشي مقيدة بقيود ثلاثة ( قوله وإلا جاز ) أي وإلا بأن كان مسطحا أو كان مسنما وكان في الطريق أو ظن فناؤه وعدم بقاء شيء منه في القبر جاز المشي عليه وأولى لو كان مسطحا في الطريق ( قوله ولو بنعل ) ظاهره ولو كانت متنجسة ولو كثر المرور ولو كان المار كافرا والظاهر جواز المشي بالدواب قياسا على النعل المتنجسة قاله شيخنا ( قوله وكذا الجلوس عليه ) أي يجوز مطلقا كما هو ظاهر ح لأنه أخف من المشي خلافا لما في عبق من أن الجلوس كالمشي يكره إن كان القبر مسنما والطريق دونه وظن بقاء شيء من الميت فيه فإن انتفى قيد من القيود الثلاثة جاز فإن هذا لم يقله أحد كذا قرر شيخنا وأما ما ورد من حرمة الجلوس على القبر فهو محمول على الجلوس لقضاء الحاجة ( قوله ما دام به ) هذا قيد للنفيين فقط أي نفي المشي ونفي النبش لا لقوله أيضا حبس إذ هو حبس وإن لم يبق فيه شيء إلا عجب الذنب وأشار لذلك الشارح بقوله لا بناؤه دارا إلخ ولا يجوز أخذ حجارة المقابر الفانية لبناء قنطرة أو مسجد أو دار بالأولى و ( قوله ولا حرثه للزراعة ) لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤنة دفن الفقراء ا هـ خش ( قوله مسائل ) أي ثلاثة وتقدمت رابعة وهي نبشه لأجل نقله فيجوز بالشروط المتقدمة وخامسة وهي نبشه لدفن غيره عند الضرورة ( قوله إن أبى ) أي ربه من أخذ القيمة ( قوله أو يشح رب قبر حفر بملكه ) حاصله أنه إذا دفن في ملك غيره بدون إذنه فقال ابن رشد للمالك إخراجه مطلقا سواء طال الزمن أم لا ، وقال اللخمي له إخراجه إن كان بالفور وأما مع الطول فليس له إخراجه وجبر على أخذ القيمة ، وقال الشيخ ابن أبي زيد إن كان بالقرب فله إخراجه وإن طال فله الانتفاع بظاهر الأرض ولا يخرجه انظر بن ( قوله أو نسي معه مال ) أي كثوب غطي به في القبر أو خاتم أو دنانير ، وفي المواق إن لرب المال أن يخرجه بمجرد دعواه من غير توقف على بينة أو تصديق بخلاف الكفن المغصوب وانظر الفرق بينهما ا هـ وقد يقال الفرق أن التكفين حوز لوضع اليد فلا بد في نقله عن الحائز من بينة أو تصديق بخلاف مصاحبة المال له فلا يعد حوزا ( قوله بما يملك فيه الدفن ) أي مكان يملك فيه الميت الدفن خاصة و ( قوله كأرض محبسة له ) أي للدفن وقرر شيخنا أن القبور التي بقرافة مصر كالمملوكة للكلفة فيها وحينئذ فينبش القبر ويخرج الميت على الخلاف السابق فيه ( قوله فدفن فيه ) أي في ذلك القبر المحفور في الأرض [ ص: 429 ] المذكورة ( قوله وعليهم ) أي من تركته فإن لم يكن له تركة كانت قيمته من بيت المال ولا تلزم الورثة من مالهم ( قوله أي قيمة الحفر ) أي ليس المراد قيمة القبر لئلا ينافي الموضوع من أن القبر حفر في أرض ليست ملكا لأحد وإنما يملك كل أحد الدفن فيها فالحافر كمن سبق لمباح وما ذكره من لزوم قيمة الحفر هو قول ابن اللباد وهو المعتمد وقيل عليهم حفر مثله وقيل الأكثر من قيمة الحفر وقيمة الأرض المحفورة وقيل الأقل منهما




الخدمات العلمية