الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن هرب ) أي فر من الزكاة ( بإبدال ) أي ببيع ( ماشية ) ويعلم هروبه بإقراره أو بقرائن الأحوال كانت لتجارة أو قنية أبدلها بنوعها أو بغيره أو بعرض أو نقد وهي نصاب ( أخذ بزكاتها ) عملا له بنقيض قصده لا بزكاة المأخوذ ولو أكثر لعدم مرور الحول ( ولو ) وقع الإبدال ( قبل الحول ) بقرب كقرب الخليطين كما يأتي ( على الأرجح ) لا يبعد فإن كان المبدل دون نصاب لم يتصور هروبه وإنما ينظر للبدل ويكون من قبيل قوله كمبدل ماشية تجارة إلخ ( وبنى ) بائع الماشية ولو غير فار ( في ) ماشية ( راجعة ) له ( بعيب أو ) راجعة له بسبب ( فلس ) من المشتري [ ص: 438 ] وأولى بفساد بيع على حولها الأصلي ويزكيها عند تمامه وكأنها لم تخرج عن ملكه .

التالي السابق


( قوله ومن هرب إلخ ) الباء في قوله بإبدال ماشية للاستعانة لا باء السببية ولا المصاحبة أي من هرب من الزكاة مستعينا على هروبه بإبدال ماشية فالإبدال مهروب به والزكاة مهروب منها ، وحاصله أن من ملك نصابا من الماشية سواء كان للتجارة أو للقنية ثم أبدله بعد الحول أو قبله بقرب بماشية أخرى من نوعها أو من غير نوعها كانت الأخرى نصابا أو أقل من نصاب أو أبدلها بعرض أو بنقد فرارا من الزكاة ويعلم ذلك من إقراره أو من قرائن الأحوال فإن ذلك الإبدال لا يسقط عنه زكاة المبدلة بل يؤخذ بزكاتها معاملة له بنقيض قصده ولا يؤخذ بزكاة البدل وإن كانت زكاته أكثر لأن البدل لم تجب فيه زكاة الآن لعدم مرور الحول عليه .

( قوله أو بقرائن الأحوال ) أي كأن يسمع الهارب يقول يريد الساعي أن يأخذ مني زكاة في هذا العام هيهات ما أبعده منها ثم بعد ذلك أبدلها ( قوله وهي نصاب ) أي الماشية التي أبدلها نصاب وهذا مأخوذ من قول المصنف أخذ بزكاتها إذ لا زكاة لدون النصاب ( قوله ولو وقع الإبدال قبل الحول ) أي هذا إذا وقع الإبدال بعد الحول بل ولو وقع الإبدال قبل الحول بقرب أي كشهر ولا يحتاج فيما بعده لقرينة تدل على الهروب أو إقرار لأن الإبدال حينئذ نفسه قرينة عليه وأشار الشارح بقوله ولو وقع الإبدال إلخ إلى أن المبالغة في الهروب والإبدال لا في الأخذ بالزكاة لأن الزكاة لا تؤخذ قبل الحول لا من الفار ولا من غيره .

( قوله على الأرجح ) أي عند ابن يونس خلافا لقول ابن الكاتب أنه لا يؤخذ بزكاتها إلا إذا كان إبدال بعد مرور الحول وقبل مجيء الساعي أما إذا وقع الإبدال قبل الحول ولو بقرب فلا يكون هاربا وإنما عبر بصيغة الاسم لأن ابن يونس نقل عن عبد الحق مثل ما صوبه كما نقله عنه في التوضيح فهو اختيار من خلاف لا قول من عند نفسه ( قوله لا ببعد ) لا إن كان الإبدال قبل الحول ببعد فإنه لا يؤخذ بزكاتها ولو قامت القرائن على هروبه هذا ظاهره وهو الصواب خلافا لما في عبق كذا قرر شيخنا .

( قوله فإن كان المبدل دون نصاب ) هذا مفهوم قوله وهي نصاب ( قوله لم يتصور هروبه ) أي لأنه لا زكاة فيما دون النصاب ( قوله وإنما ينظر للبدل ) أي فهو الذي يزكي ( قوله وبنى بائع الماشية ) أي سواء باعها بعين أو بنوعها أو بمخالفها

وحاصله أن من [ ص: 438 ] باع ماشية بعد ما مكثت عنده نصف عام مثلا سواء باعها بعين أو بعرض أو بنوعها أو بمخالفها كان فارا من الزكاة به أم لا فمكثت عند المشتري مدة ثم ردت على بائعها بعيب أو بسبب فلس المشتري أو بسبب فساد البيع فإنه يبني على حولها عنده ولا يلغي الأيام التي مكثتها عند المشتري بحيث لا يحسبها من الحول بل تحسب منه ويفهم من قول المصنف بنى أنها رجعت قبل تمام الحول كما صورنا فإن رجعت بعده زكاها حين الرجوع فإن زكاها المشتري عنده ثم ردها رجع على البائع بما أداه إن لم يكن دفع منها .

( قوله وأولى بفساد بيع ) كان الفساد مختلفا فيه كالبيع وقت نداء الجمعة أو متفقا عليه كالبيع لأجل مجهول والموضوع أن تلك الماشية المبيعة لم تفت عند المشتري بمفوت من مفوتات البيع الفاسد وإنما كان الرجوع بفساد البيع أولى لأن البيع الفاسد لا ينقل الملك .




الخدمات العلمية