الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 296 ] باب الشهادات

            مسألة : قراء يقرأون القرآن بأصوات حسنة محترزين من الزيادة والنقص فيه ، عالمين بأحكام القراءة فهل يمنعون من ذلك ؟ .

            الجواب : قراءة القرآن بالألحان والأصوات الحسنة والترجيع إن لم تخرجه عن هيئته المعتبرة سنة حسنة ، وإن أخرجته فحرام فاحش - هذا منقول المذهب - صرح به النووي في الروضة والتبيان ، ويدل للشق الأول أحاديث ، منها حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم : " قرأ سورة الفتح في السفر ، يرجع فيها ويقول : آ آ آ " ، ومنها حديث البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " زينوا القرآن بأصواتكم " رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم ، ورواه الدارمي ، والبيهقي بلفظ : " حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا " .

            ومنها حديث فضالة بن عبيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لله أشد أذانا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته " رواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ومنها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن " رواه الشيخان - وأذن بمعنى : استمع - وفي معناه حديث سعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " على أحد التأويلين في الحديث وهو في المستدرك ، وفي لفظ عن سعد : " إن هذا القرآن نزل بحزن ، فإذا قرأتموه فابكوا وتغنوا به فمن لم يتغن به فليس منا " رواه البيهقي في شعب الإيمان ، ومنها حديث بريدة أنه صلى الله عليه وسلم سمع قراءة أبي موسى ، فقال : " لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود " رواه مسلم .

            ويدل للشق الثاني ما رواه البيهقي عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس قراءة ؟ فقال : " من إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله " ، وما رواه أيضا عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتاب فإنه سيجيء قوم يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية ، لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم " .

            وروي أيضا عن عابس الغفاري قال : " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر خصالا يتخوفهن على أمته من بعده إمارة السفهاء ، واستخفافا بالدم ، وقطيعة الرحم ، وكثرة الشرط ، ونشئا يتخذون القرآن مزامير يتغنون غناء ، يقدمون الرجل بين أيديهم ليس بأفضلهم ولا أعلمهم ، لا يقدمونه إلا ليغني لهم " ، وروى الدارمي عن الأعمش قال : قرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان فكره ذلك أنس .

            [ ص: 297 ] وروي عن محمد بن سيرين قال : كانوا يرون هذه الألحان في القراءة محدثة ، والأحاديث والآثار في الشقين كثيرة ، وفيما أوردناه كفاية .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية