الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الرحمن بن ميمون ، سألت محمد بن النضر الحارثي ، أو سئل وزعم ابن المبارك أنه هو الذي سأل عن الصوم في السفر فقال : إنما هو لمأذون .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن إدريس ، ثنا الحسن بن الربيع ، سمعت ابن المبارك ، يقول : كنت مع محمد بن النضر في سفينة فقال : إنما هو المبادرة ، قال : فجاء بصوت غير صوتي النخعي والشعبي .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا عبد الله بن منده ، ثنا أبو بكر المستملي ، ثنا شهاب بن عباد ، قال : صحبت محمد بن النضر الحارثي إلى عبادان فلم يتكلم إلا بثلاث : إحداهن قال لرجل : أحسن صلاتك .

              حدثنا أبو بكر بن أحمد المؤدب ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني خالد بن يزيد الطبيب ، سمعت محمد بن النضر الحارثي يقول : شغل الموت قلوب المتقين عن الدنيا ، فوالله ما رجعوا منها إلى سرور بعد معرفتهم بكربه وغصصه .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا أحمد ، ثنا عبد الله ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا زكريا بن عدي ، ثنا ابن المبارك ، قال : كان محمد بن النضر إذا ذكر الموت اضطربت مفاصله حتى تتبين الرعدة فيها .

              حدثنا أبي ، ثنا محمد بن إبراهيم الحروري ، ثنا الحسين بن علي الكوفي ، ثنا أبو غسان عباد بن كليب عن محمد بن النضر الحارثي قال : إن أصحاب الأهواء قد أخذوا في تأسيس الضلالة وطمس الهدى فاحذروهم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، عن سعيد بن عبد الغفار ، عن مسلم ، قال : كان علي دين فكتب إلي يعقوب بن داود أن أقدم علي حتى أقضي دينك ، قال : فقدم علينا محمد بن النضر الحارثي عبادان فشاورته في ذلك فقال : يا مسلم يا مسلم [ ص: 219 ] مرتين ، لأن تلقى الله وعليك دين ومعك دين خير من أن تلقاه وليس عليك دين وليس معك دين .

              حدثنا أبو بكر محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثني الحسن بن الربيع ، حدثني رجل من ولد الزبير بن العوام صحبت محمد بن النضر من عبادان إلى الكوفة فما سمعته يتكلم ، حتى افترقنا بالكوفة ، فقلت للزبيري : كيف كان يصنع إذا أراد الحاجة ؟ قال : كان معه ابنه ، فإذا أراد الحاجة نظر إليه فقام ابنه فقضى حاجته .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، حدثني جرير بن زياد ، قال : كنت مسافرا مع محمد بن النضر إلى مكة ، فكان إذا قيل له : الرحيل ، تقدم على رأس ميلين فلا يزال يصلي حتى إذا سمع حس الإبل تقدم أيضا ، فلا يزال كذلك حتى يصلي العصر ثم يركب .

              قال جرير : وكنت أراه يصلي في البيت ، ربما وضع رجله على ساقه ولا يستمسك بالوتد وكان له وتد في كل مسجد .

              قال جرير : " وكنت أراه يصلي في إزار لا يكاد يلتقي طرفاه وخريطته على عاتقيه فيها السواك معلق فربما رأيته يصلي والسواك بين كتفيه .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ح . وحدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد ، ثنا الدورقي ، ثنا الحسن بن الربيع ، سمعت عنبرا ، يقول : اختفى عندي محمد بن النضر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عيسى الوالبي ، أخبرني عنبر أبو رفيد ، قال : كان محمد بن النضر يجيء نصف النهار في المقابر فأقول : ماذا تفعل ؟ فقال : أكره أن أعطي عيني في الدنيا سؤلها في النوم .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ح . وحدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، قالوا : ثنا أحمد الدورقي ، حدثني حبان بن موسى ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن أبي الأحوص : أن محمد بن النضر ، ترك النوم قبل موته بسنتين إلا القيلولة، ثم القيلولة أيضا .

              [ ص: 220 ] حدثنا أبي ومحمد بن أحمد قالا : ثنا أحمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن إدريس ، ثنا علي بن محمد الطنافسي ، سمعت بعض كوفتنا يقول : كان محمد بن النضر الحارثي يمشي صائما ويجيء إلى القلة وقد بردت له فيقول : لنفسي تشتهيها لا تذوقيها .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثني حسين بن الربيع ، حدثني يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة ، قال : كنت جالسا مع محمد بن النضر فأتت جارية - يعني خادما - بدورق من ماء مبرد في يوم صائف قد غطت رأسه بخرقة ، فقالت : إن فلانة تقرئك السلام - ونسبتها له - وتقول لك : اشرب هذا ، فقال لها ، ضعيه فوضعته فلما خرجت قام فكشفه وأخذ الماء فصبه في الجب .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، حدثني عبد الرحمن بن مهدي ، سمعت محمد بن النضر الحارثي ، يقول : قال الربيع بن خيثم : نعيه ثم اعزل .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، حدثني محمد بن منبه ابن أخت ابن المبارك ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن محمد بن النضر الحارثي ، في قوله : ( فأخذناهم بغتة ) قال : أمهلوا عشرين سنة .

              حدثنا أبو أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسن ، حدثني إبراهيم بن عبيد ، قال : قال محمد بن النضر الحارثي : غدا كل امرئ إلى سوقه والتمس المتقون فضل الرباحات لديك يا أكرم المسئولين ، وكان لا يقوم من ورده حتى يتعالى النهار ، فيقال له : للناس إليك حوائج ، فيقول : وأنا أيضا لي إلى الله حوائج .

              حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا يونس ، عن محمد بن النضر قال : ذكر رجل عند الربيع بن خيثم فقال : ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ منها ، إلى آدمي غيرها ، إن العباد خافوا الله على ذنوب غيرهم وأمنوه على ذنوب أنفسهم .

              [ ص: 221 ] حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة كتب محمد بن النضر الحارثي إلى أخ له : أما بعد فإنك في دار تمهيد وأمامك منزلان لا بد لك من أحدهما ، ولم يأتك أمان فتطمئن ولا تراه فتقبض والسلام .

              حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن عبيد بن المسيب الأرغياني ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، سمعت محمد بن النضر الحارثي ، يقول : ما من عامل يعمل لله في الدنيا إلا وله من يعمل في الدرجات فإذا أمسك أمسكوا فيقال لهم : ما لكم قصرتم ؟ فيقولون : قصر صاحبنا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا أبو حفص بن أبي الرطل الكوفي ، حدثني رجل ، من أصحابنا يقال له : يحيى بن الحارث بن كعب ، قال : قال عبد الله بن إدريس لمحمد بن النضر الحارثي : يا أبا عبد الرحمن ، ما لي أراك ثائر الشعر فقال : أبا محمد ، أما بلغك أن أحدهم كان يطلب صلاح قلبه ولو في قلة جبل ؟ .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا الحسن بن موسى ، سمعت يوسف بن يحيى ، سمعت عليا السابي ، يقول : كان محمد بن النضر جالسا قريبا من الشمس في ظل يوم شات ، فقيل له : لو تحركت إلى الشمس ؟ فقال : أكره أن أنقلها ما لم تؤمر .

              حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، حدثني شهاب بن عباد ، ثنا عبد الله بن مصعب ، قال : بعث محمد بن النضر إلى صديق له بعبادان بنعلين فقال : قد بعثت بهما إليك وأنا أعلم أن ربك ، عنهما غني ، ولكن أحببت أن تعلم أنك مني على بال .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد القدوس بن بكر ، سمعت محمد بن النضر الحارثي ، يقول في قوله عز وجل : ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) قال : أنا أهل أن يتقيني عبدي ، فإن لم يفعل كنت أنا أهل أن أغفر له .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو [ ص: 222 ] موسى الأنصاري ، ثنا عبد الرحمن - أظنه المحاربي عن محمد بن النضر ، قال : أصبت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول : ابن آدم لو علم الناس مثل ما أعلم ليبدوك ، فقد سترت عليك وغفرت لك على ما كان منك ما لم تشرك بي شيئا .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا محمد بن الحسين ، حدثني أبو موسى ، سمعت محمد بن صبيح ، يقول : قال محمد بن النضر : كان يقال : الجوع يبعث على البر ، كما تبعث البطنة على الأشر .

              حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، ثنا أبو العباس أحمد بن محمد الخزاعي ، سمعت بشر بن الحارث ، سمعت المعافى بن عمران ، يقول : قال رجل لمحمد بن النضر : أين أعبد الله ؟ قال : أصلح سريرتك واعبده حيث شئت .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا إسحاق بن بهلول ، ثنا عباد بن كليب ، قال : اجتمعت أنا ومحمد بن النضر ، وعبد الله بن المبارك ، وفضيل بن عياض ، فصنعنا طعاما فلم يخالفنا محمد بن النضر في شيء فقال عبد الله : إنك لم تخالفنا ، فقال محمد : وإذا صاحبت فاصحب صاحبا ذا حياء وعفاف وكرم ، قوله لك : لا إن قلت لا ، وإذا قلت : نعم قال : نعم .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا الحسن بن الربيع ، حدثني أبو الأحوص ، عن محمد بن النضر الحارثي ، قال : أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام يا موسى بن عمران كن يقظا مرتادا لنفسك أخدانا فكل خدن لا يواتيك على مسرتي فإنه لك عدو ، وهو يقسي عليك قلبك ، ولكن من الذاكرين تستوجب الأجر وتستكمل المزيد .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثني عبد الله بن صالح ، سمعت محمد بن النضر ، يقول : بلغني أن عابدا يعبد ثلاثين سنة ويعبد آخر ، عشرين فأظلت صاحب الثلاثين غمامة واستظل صاحب العشرين في ظله فالتفت إليه صاحب الثلاثين فقال : لولا أنا ما أظلتك ، قال : فانحازت إلى صاحب العشرين وبقي صاحب الثلاثين لا غمامة له .

              [ ص: 223 ] حدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، ثنا عبد الله بن صالح العجلي ، قال : أتيت محمد بن النضر : أنا وأبو الأحوص ، فقال محمد : بلغني أن عابدا ، في بني إسرائيل وكان الرجل إذا تعبد ثلاثين سنة أظلته غمامة - تعبد ثلاثين سنة - فلم ير شيئا يظله ، فشكا ذلك إلى والدته فقال : يا أمه ، قد تعبدت منذ ثلاثين سنة ولا أرى شيئا يظلني ، قالت : يا بني تفكر هل أذنبت ذنبا منذ أخذت في عبادتك ؟ قال : لا أعلمني أذنبت ذنبا منذ ثلاثين سنة ، قالت : يا بني بقيت واحدة إن نجوت منها رجوت أن تظلك ، قالت : هل رفعت طرفك إلى السماء ثم رددته بغير فكرة ؟ قال : كثيرا .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا جرير بن زياد ، عن محمد بن النضر ، أن عابدا من عباد بني إسرائيل عبد الله ثمانين سنة قال : فكان له مصلى يصلي فيه لا يجترئ أحد من بني إسرائيل أن يقوم مقامه إعظاما له ، قال : فقدم رجل غريب فدخل ذلك المصلى فنظر إلى موضعه خال فقام يصلي ، قال : فضربت بنو إسرائيل أبصارهم تعجبا ، إذ جاء ذلك العابد فقام إلى جنبه فغمزه بمنكبه ينحيه عن موضعه ، فأوحى الله تعالى إلى نبيه : أن مر فلانا يستأنف العمل " قال : جرير بن زياد : كأنه دخله العجب .

              · حدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، ثنا محمد بن عيسى الوانسي ، قال : قال لي أبو الأحوص : ائت محمد بن النضر فسله عن تمجيد الرب تعالى في الركوع ، قال : فأتيت محمد بن النضر فقال : هذا تمجيد الرب تعالى في الركوع . سبحان ربي العظيم وبحمده حمدا خالدا مع خلودك ، حمدا لا منتهى له دون علمك ، حمدا لا أمد له دون مشيئتك ، حمدا لا أجر لقائله دون رضاك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية