الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال محمد بن إدريس الشافعي : الأصل قرآن وسنة ، فإن لم يكن فقياس عليهما ، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصح الإسناد عنه ، فهو سنة ، والإجماع أكثر من الخبر المنفرد ، والحديث على ظاهره ، وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهره أولاها به ، وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولاها ، وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب ، ولا يقاس أصل على أصل ، ولا يقال لأصل : لم ؟ ولا : كيف ؟ وإنما يقال للفرع : لم ؟ فإذا صح قياسه على الأصل صح ، وقامت به الحجة ، قال الشافعي : وكلا قد رأيته استعمل الحديث المنفرد ، استعمل أهل المدينة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التغليس ، واستعمل أهل العراق حديث الغرر ، وكل قد استعمل الحديث ، هؤلاء أخذوا بهذا وتركوا الآخر ، وهؤلاء أخذوا بهذا وتركوا الآخر ، والذي لزم قرآن وسنة ، وأنا أظلم في إلزام تقليد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا اختلفوا نظر أتبعهم للقياس ، إذا لم يوجد أصل يخالفهم ، اتبع أتبعهم للقياس ، قد اختلف عمر وعلي في ثلاث مسائل ، القياس فيها مع علي ، وبقوله أخذ منها المفقود ، قال عمر : يضرب الأجل إلى أربع سنين ، ثم تعتد امرأته أربعة أشهر وعشرا ، وقال علي : امرأته لا تنكح أبدا ، وقد اختلف فيه عن علي حتى يتضح بموت أو فراق . وقال عمر في الرجل يطلق امرأته في سفر ، ثم يرتجعها ، فسيبلغها الطلاق ، ولا تبلغها الرجعة حتى تحل وتنكح : إن زوجها الآخر أولى بها إذا دخل بها . وقال علي : هي للأول ، وهو أحق بها . وقال عمر في الذي ينكح المرأة في العدة ، ويدخل بها : إنه يفرق بينهما ، ثم لا ينكحها أبدا ، [ ص: 106 ] وقال علي : ينكحها بعد . واختلفوا في الأقراء ، وأصح ذلك أن الأقراء الأطهار لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : " مره - يعني ابن عمر - أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه ، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء " . فلما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة ، كان أصح القول فيها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الأطهار العدة .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ، قال : كنت بمصر ، فحدث محمد بن إدريس الشافعي بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، تأخذ بها ؟ فقال : إن رأيتني خرجت من الكنيسة أو ترى علي زنارا ؟ إذا ثبت عندي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قلت به وقولته إياه ، ولم أزل عنه ، وإن هو لم يثبت عندي لم أقوله إياه ، أترى علي زنارا حتى لا أقول به .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ، يقول : سمعت أبي يقول ، وذكر الشافعي ، فقال : سمعته يقول : إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا لي حتى أذهب به في أي بلد كان .

              حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا الحسن بن علي الجصاص ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سأل رجل الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له الرجل : فما تقول ؟ فارتعد وانتفض ، وقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت بغيره ؟

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل ، حدثني إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم الصواف ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي - وذكر حديثا - فقال له رجل : تأخذ بالحديث ؟ فقال لنا - ونحن خلفه كثير - : اشهدوا أني إذا صح عندي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم آخذ به ، فإن عقلي قد ذهب .

              حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان الجرجاني ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا أبي ، قال : سمعت حرملة بن يحيى ، يقول : قال الشافعي : كلما قلت ، وكان عن [ ص: 107 ] النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح ، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ، ولا تقلدوني .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو الطيب أحمد بن روح ، ثنا إسماعيل بن شجاع ، ثنا الفضل بن زياد ، عن أبي طالب ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما رأيت أحدا أتبع للحديث من الشافعي .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن مخلد ، ثنا عمر بن الربيع الخشاب ، ثنا أبو حمزة الخولاني ، ثنا حرملة بن يحيى ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : سميت ببغداد : ناصر الحديث .

              حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ، ثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدثني أحمد بن محمد المكي ، قال : سمعت أبا الوليد بن أبي الجارود ، يقول : قال الشافعي : إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت قولا ، فأنا راجع عن قولي ، وقائل بذلك .

              حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، قال : سمعت الزعفراني ، يحدث عن الشافعي ، قال : إذا وجدتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة فاتبعوها ، ولا تلتفتوا إلى قول أحد .

              حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أولى أن يؤخذ به من غيره .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : يحتاج أبو الزبير إلى دعامة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : حديث حزام بن عثمان حرام .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن موسى بن النعمان ، ثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص ، ثنا أبي ، قال : سمعت الشافعي يقول : قال شعبة بن الحجاج : التدليس أخو الكذب .

              [ ص: 108 ] حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن جعفر أبو الطاهر ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا ابن رزين ، قال : قال الشافعي : لم يكن بالشام مثل الأوزاعي قط ، قال : ولكنه ليس ممن يقتصر عليه حتى يتعرف عليه بحديث غيره . وذكر عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، فوصفه بالثقة والأمانة وأن مثله يؤخذ عنه العلم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول : من حدث عن أبي جابر البياضي ، بيض الله عينيه .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا علي بن أحمد بن سليمان ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : سمعت من أبي جابر الجعفي كلاما خفت أن يقع علينا السقف .

              حدثنا أبو عبد الله بن مخلد ، قال : أخبرني محمد بن يحيى بن آدم ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول : ذكر رجل لمالك بن أنس حديثا منقطعا فقال له : اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يحدثك عن أبيه عن نوح .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : بلغ سفيان أن شعبة يتكلم في جابر الجعفي ، فبعث إليه فقال : والله لئن تكلمت فيه لأتكلمن فيك .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : قال لي محمد بن الحسن : لو علمت أن سفيان بن سليمان يروي اليمين مع الشاهد لأفسدته . فقلت له : يا أبا عبد الله إذا أفسدته فسد .

              حدثنا أبو عبد الله بن مخلد ، أخبرني محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنه سمع الشافعي يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : عمرو بن عبيد سمع الحسن . وأنا أستغفر الله إن كان سمع الحسن .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الرحمن ، قالا : ثنا أحمد بن محمد بن [ ص: 109 ] سلمة الطحاوي ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : سمعت الشافعي يقول : ما فاتني أحد كان أشد علي من الليث بن سعد ، وابن أبي ذيب .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثني أحمد بن إسماعيل بن عاصم ، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، ثنا حرملة بن يحيى قال : سمعت الشافعي يقول : الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول : إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث كأني رأيت رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية