الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              قال الشيخ رحمه الله : وكان رضي الله عنه له من العبادة الحظ الوافر ، وفي الفكر العقل والقلب الحاضر .

              حدثنا محمد بن علي بن حسين ، ثنا الحسن بن علي الجصاص ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : كان الشافعي يختم القرآن ستين ختمة ، قلت : في صلاة رمضان ؟ قال : نعم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : قال الربيع : سمعت الشافعي ، يقول : كنت أختم في رمضان ستين مرة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عمرو بن عثمان ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما كذبت قط ، ولو كذبت كذبت في [ ص: 135 ] هذا . في شيء مدح به أهل المدينة أو مالك .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا أبو عبد الله عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن مردك ، ثنا حرملة ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : ما حلفت بالله لا صادقا ولا آثما .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء : الثلث الأول يكتب ، والثلث الثاني يصلي ، والثلث الثالث ينام .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن محمد الشافعي ، ثنا عمي إبراهيم بن محمد قال : ما رأيت أحدا أحسن صلاة من محمد بن إدريس الشافعي ، وذلك أنه أخذ من مسلم بن خالد الزنجي ، وأخذ مسلم من ابن جريج ، وأخذ ابن جريج من عطاء ، وأخذ عطاء من عبد الله بن الزبير ، وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق ، وأخذ أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام .

              حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا أبو الحديد عبد الوهاب بن سعد ، حدثني عباس بن محمد المصري ، ثنا أبو الربيع سليمان بن داود . قال : كان الشافعي إذا حدث كأنما يقرأ سورة من القرآن ، وكان فصيحا ، فمرض مرضا شديدا ، فقال : اللهم إن كان هذا لك رضى فزد . فبلغ ذلك إدريس بن يحيى الخولاني ، فبعث إليه يا أبا عبد الله ، لست أنا ولا أنت من رجال البلاء . قال : فبعث إليه : يا أبا عمرو ادع الله لي بالعافية .

              حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا جعفر بن أحمد بن عبد السلام الأنطاكي ، ثنا يونس ح . وحدثنا محمد بن المظفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القاضي قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : سئل الشافعي عن مسألة ، وأنا حاضر ، فقال : يا يونس أجب فيها . فقلت : إياك سأل ، أصلحك الله . قال : أجب فيها . قلت : يلتمس منك الجواب ، إن الجواب فيها بعيد ، غير أني أعد له عدة ، وأكره أن أجيب عن مسألة ، فيقال لي : من أين قلت ؟ فأسكت ، أو تكلم كلاما نحوه .

              حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا عبد الله بن محمد ، قال : سمعت يونس بن [ ص: 136 ] عبد الأعلى يقول : كان الشافعي يكلمنا بقدر ما نفهم عنه ، ولو كلمنا بحسب فهمه ما عقلنا عنه .

              حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا أبي ، ثنا هارون بن سعيد الأيلي ، قال : قال لنا الشافعي : أخذت الكتان سنة للحفظ فأعقبني صب الدم .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت زكريا بن يحيى ابن أخت البلخي ، ثنا حرملة بن يحيى ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : شيئان أغفلهما الناس : النظر في الطب ، والنظر في النجوم .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي بن أبي الصفير ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الشافعي يقول : لما حضرت الحطيئة الوفاة قيل له : أوص ، قال : أوصي المساكين بالمسألة ، قيل له : أوص في مالك . قال : مالي للذكور دون الإناث ، قيل : ليس هذا قضاء الله ، قال : لكني أقوله ، ثم قال : احملوني على حمار ، فإنه من يموت عليه كريم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا صالح بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن سوار النسوي ، قال : سمعت حرملة بن يحيى ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : إذا ربطت كتابا فاربطه في اليمين فإنه لو رام رجل حله كان أصعب عليه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن محمد بن يزيد ، ثنا أبو طاهر ، ثنا حرملة ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : لم أر أنفع للوباء من التسبيح .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : وقف أعرابي على عبد الملك بن مروان فسلم ، ثم قال : رحمك الله ، مرت بنا سنون ثلاث أما إحداها فأهلكت المواشي ، وأما الثانية فأنضبت اللحم ، وأما الثالثة فخلصت إلى العظم ، وعندك مال فإن كان لله فأعط عباد الله ، وإن كان لك فتصدق ، فإن الله يجزي المتصدقين . قال فأعطاه عشرة آلاف درهم ، وقال : لو كان الناس يحسنون يسألون هكذا ما حرمنا أحدا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو الحسن البغدادي ، ثنا ابن صاعد ، قال : سمعت [ ص: 137 ] الشافعي يقول : أسس التصوف على الكسل .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا نوح بن منصور ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : الفول يزيد في الدماغ ، والدماغ من العقل .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : الجمعة فريضة على كل مسلم والسعي فريضة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

              أخبرنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا ابن روح ، قال : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : إن شاء الله , قوم باليمن يشق أحدهم لحمه ثم يرده فيلتئم من ساعته . ويقال : إن غذاء أولئك اللبان .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا إبراهيم بن فيحون ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : قال الشافعي : رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيرا .

              قال محمد : وكنت عند الشافعي فجاءه رجل فقال : ألا تعجب من قول المدنيين في أصبع عشر ، وفي أصبعين عشرون ، وفي ثلاث ثلاثون وفي أربع أربعون ؟ فقال : ما يثبته عندي شيء إلا هذا ; لأني أعلم أن هذا ليس مما يأخذه العباد بعقولهم . قال محمد : على أنه لم يكن يقول به .

              قال الشافعي : وروى عني رجل بالعراق أني أحل الغناء في الصلاة . قال : فلقيت الرجل فسألته عن روايته عني ، فقال : نعم أنت تقول في رجل سلم من اثنتين ساهيا فتغنى أنه في صلاة يتمها ، لا يفسدها ، قال الشافعي قلت : فيجوز لي أن أروي عنك أنك تقول لا بأس بأن تسلم من كل ركعتين عامدا .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا إبراهيم بن فيحون ، ثنا ابن عبد الحكم ، أخبرني الشافعي ، قال : نزل قوم بامرأة من أهل اليمن ، فجعلت تخرج لهم شيئا ، قال : قال أبو عبد الله : فقلنا لها : إن معنا شيئا ، قالت : فما تريدون ؟ تنزلون عندي ، وتأكلون طعامكم ؟ لا كان هذا أبدا ، والله لو فعلتم هذا لترون متاعكم في الصحراء .

              قال : وسمعت الشافعي يقول : أوى الليل رجلا إلى خباء امرأة فأضاف بها فإذا هو برجل قد أقبل معه شاة له فلما رآه قال لها : ما هذا ؟ قالت : ضيف . [ ص: 138 ] قال : فحلب الشاة وجاءنا به ، وبشيء من طعام . وقال : وما أظنه إلا فلوا ، وما نال الأعرابي في تلك الليلة من الجهد .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا إبراهيم بن فيحون ، قال : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : لما قتل عبد الله بن الزبير وجد في تابوت له حق وفتح ، فإذا فيه بطاقة مكتوب فيها : إذا غاض الكرم غيضا ، وفاض اللئام فيضا ، وكان الشتاء قيظا ، وكان الولد غيظا ، فاغبر غبر في جبل وعر ، خير من ملك بني النضير .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول : سأل رجلا سؤال يعجبك ، أو يعجبك ، فقال له الشافعي : قد صحت عندك الأولى ، حتى تشك في الآخرة ؟ وهو بسؤالك يعجبك .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا إبراهيم ، قال : سمعت المزني يقول : سمع رجل رجلا يمدح أخا له فقال : إن كان ليملأ العين جمالا ، والأذن بيانا . فقال له رجل : أعد علي يرحمك الله ، قال : نعم أعيد عليك من غير تهاتر مني ، ولا نكاية لك ولا تزكية له .

              قال : وسمعت الشافعي يقول : ما أحد ينجم إلا له من يمدح ويذم ، فإذا لم يكن بد فكن من أهل طاعة الله .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الله النسائي ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول : وقف أعرابي على ربيعة وهو يسجع في كلامه فأعجب ربيعة كلام نفسه فقال : يا أعرابي ما تعدون البلاغة فيكم ؟ فقال : خلاف ما كنت فيه منذ اليوم .

              قال : وسمعت الشافعي يقول : كان ربيعة يلحن في كلامه .

              قال وسمعت الشافعي يقول : من ضحك منه في مسبة لم يسبها .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الله النسائي ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول : إذا رأت العامة الرجل يناظر الرجل فأعلى صوته وجعل يضحك منه فصب له بالقلة .

              قال : وسمعت الشافعي يقول : في ذكر هؤلاء القوم الذين يبكون عند القراءة فقال : قرأ رجل وإنسان حاضر فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب فجعل الرجل يبكي ، فقيل له : يا بغيض ، أهذا موضع البكاء ؟ ! .

              [ ص: 139 ] حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي بن أبي الصفير ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول لابن مقلاص : يا أبا علي ، أتريد أن تحفظ الحديث ، وتكون فقيها ؟ هيهات ما أبعدك من ذلك .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، قال سمعت محمد بن يحيى بن آدم ، ح وحدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي ، قالا : ثنا الربيع ، قال : رأيت الشافعي وجاءه رجل يسأله مسألة فقال : من أهل صنعاء أنت ؟ قال : نعم قال : فلعلك حداد ؟ قال : نعم قال : وجاءه رجل من أهل مصر يوم الجمعة عليه ثياب الجمعة يسأله عن مسألة فقال له : أنت نساج ؟ فقال : عندي أجراء .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، قال سمعت أبا بكر محمد بن بشر بن عبد الله العكبري المصري ، قال : سمعت الربيع بن سليمان يقول : كنت عند الشافعي أنا والمزني ، وأبو يعقوب البويطي ، فنظر إلينا فقال لي : أنت تموت في التحديث . وقال للمزني : هذا لو ناظر الشيطان قطعه أو جدله ، وقال لأبي يعقوب : أنت تموت في الحديد .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا أبو نصر المصري ، ثنا سعيد بن عمر ، والبردعي ، حدثني محمد بن إبراهيم البوشنجي ، قال : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : سمعت الحميدي يقول : كنت مع الشافعي ومحمد بن الحسن يتفرسان الناس ، فمر رجل فقال محمد بن الحسن للشافعي : أحرز . فقال الشافعي : قد رابني أمره ، إما أن يكون نجارا أو خياطا . قال الحميدي : فقمت إليه فقلت : ما حرفة الرجل ؟ فقال : كنت نجارا وأنا اليوم خياط .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي بن أبي الصفير ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال سمعت الشافعي يقول : ليس العاقل الذي يدفع بين الخير والشر فيختار الخير ، ولكن العاقل الذي يدفع بين الشرين فيختار أيسرهما .

              حدثنا أحمد ، ثنا محمد ، ثنا الربيع ، ح وحدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا الربيع ، قال : اشتريت للشافعي طيبا بدينار فقال لي : ممن اشتريت ؟ فقلت : من الرجل العطار الذي هو قبالة الميضأة . قال : من ؟ [ ص: 140 ] قلت : الأشقر الأزرق . قال : أشقر أزرق ؟ قلت : نعم . قال : اذهب فرده .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا موسى الفارسي ، قال : سمعت إسحاق بن أبي عمران الشافعي يقول : سمعت حرملة يقول : سمعت الشافعي يقول : وأنا أشتري له يوما طيبا ، فوقع فيه كلام ، فقال : ممن اشتريت هذا الطيب ما صفته ؟ قالوا : أشقر . قال : ردوه ، وما جاءني خير قط من أشقر .

              قال الشافعي : ومن كان ذا عاهة في بدنه فاحذروه .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عمر بن عثمان بن الحارث المصيصي ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : الكوسج خبيث والأزرق خبيث .

              حدثنا محمد ، ثنا عمر ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : قال لي الشافعي : دخلت العراق ؟ قلت : لا . قال : ما رأيت الدنيا .

              حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم ، قال سمعت أبا بكر الخلال يقول : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : العلم مروءة من لا مروءة له .

              حدثنا أحمد ، قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : لولا أن الله عز وجل أعان على غرامة الصبيان لمحابة المؤذنين . . . ما انكسرت .

              حدثنا أحمد ، قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا أبو نصر ، قال : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : خرجنا من مكة في سنة جدباء ، فلما صرنا في بعض الطريق عارضنا رجل على جمل فقلنا : من يقوم إليه فيسأله عن عيالنا ؟ فقام إليه رجل ممن كان في الرحل معنا ، فلم يلبث إلا يسيرا ثم جاء إلينا فجعل يحدثنا عنه بكلام كثير ، فقلنا : حدثك الرجل بكلام يسير وأنت تحدثنا منذ اليوم فقال : حدثني بالأصل وجئتكم بالتفسير .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية