الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              128- أبو ثعلبة الخشني

              وأبو ثعلبة الخشني من عباد الصحابة ، له في جملة أهل الصفة ذكر ومدخل .

              [ ص: 30 ] حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا أبو الربيع الزهراني ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن عتبة بن أبي حكيم ، حدثني عمرو بن جارية اللخمي ، حدثني أبو أمية الشعباني ، قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت : يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية : عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم . فقال : " أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك أمر نفسك ودع عنك أمر العوام ، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله " . وزاد في غيره قال :يا رسول الله ، أجر خمسين منهم ؟ قال : أجر خمسين منكم .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا إدريس بن عبد الكريم ، ثنا أحمد بن حنبل ، ثنا زيد بن يحيى الدمشقي ، ثنا عبد الله بن العلاء ، ثنا مسلم بن مشكم ، قال : سمعت أبا ثعلبة الخشني ، قال : قلت : يا رسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي ، قال : فصعد النبي صلى الله عليه وسلم وصوب ، فقال : " البر ما سكنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ، ولم يطمئن إليه القلب ، وإن أفتاك المفتون " .

              حدثنا علي بن أحمد بن إسماعيل الطوسي ، ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ثنا محمد بن أبان ، ثنا يونس بن بكير ، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي ، عن عروة بن رويم ، قال : سمعت أبا ثعلبة الخشني ، يقول : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزاة له فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين - وكان يعجبه إذا قدم أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين - ثم خرج فأتى فاطمة فبدأ بها قبل بيوت أزواجه فاستقبلته فاطمة وجعلت تقبل وجهه وعينيه وتبكي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك ؟ " قالت : أراك قد شحب لونك ، فقال لها : " يا فاطمة إن الله عز وجل بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلا أدخله به عزا أو ذلا يبلغ حيث بلغ الليل " .

              حدثنا أحمد بن بندار ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا عمرو بن عثمان ، [ ص: 31 ] ثنا خالد بن محمد الكندي وهو أبو محمد وأحمد ابنا خالد الوهبي قالا : سمعنا أبا الزاهرية يقول : سمعت أبا ثعلبة الخشني ، يقول : إني لأرجو أن لا يخنقني الله عز وجل كما أراكم تخنقون عند الموت ، قال : فبينما هو يصلي في جوف الليل قبض وهو ساجد ، فرأت ابنته أن أباها قد مات ، فاستيقظت فزعة فنادت أمها أين أبي ؟ قالت : في مصلاه ، فنادته فلم يجبها ، فأيقظته فوجدته ساجدا فحركته فوقع لجنبه ميتا .

              حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا إسماعيل بن إسحاق السراج ، ثنا داود بن رشيد ، ثنا الوليد بن مسلم أن أبا ثعلبة كان يقول : إني لأرجو أن لا يخنقني الله عز وجل كما يخنقكم ، قال : فبينما هو في صرحة داره إذ نادى يا عبد الرحمن وقد قتل عبد الرحمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أحس بالموت أتى مسجد بيته فخر ساجدا فمات وهو ساجد .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية