الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              وثيق عباراته ودقيق إشاراته

              قال أبو نعيم : ومما حفظ عنه من وثيق العبارات ودقيق الإشارات :

              حدثنا علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي ، وإبراهيم بن إسحاق ، قالا : ثنا أبو بكر بن خزيمة ، ثنا علي بن حجر ، ثنا يوسف بن زياد ، عن يوسف بن أبي المتئد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : قال علي عليه السلام : كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ، فإنه لن يقل عمل مع التقوى ، وكيف يقل عمل يتقبل .

              حدثنا عمر بن محمد بن عبد الصمد ، ثنا الحسن بن محمد بن غفير ، ثنا الحسن بن علي ، ثنا خلف بن تميم ، ثنا عمر بن الرحال ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد خير ، عن علي قال : ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك ، ويعظم حلمك ، وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن أحسنت حمدت الله ، وإن أسأت استغفرت الله ، ولا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين ؟ رجل أذنب ذنبا فهو تدارك ذلك بتوبة ، أو رجل يسارع في الخيرات ، ولا يقل عمل في تقوى وكيف يقل ما يتقبل .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد قال : قال علي بن أبي طالب . وثنا عبد الله بن محمد قال : ثنا عبد الله بن محمد بن سوار ، ثنا عون بن سلام ، ثنا عيسى بن مسلم الطهوي ، عن ثابت بن أبي صفية ، عن أبي الزغل قال : قال علي بن أبي طالب : احفظوا عني [ ص: 76 ] خمسا ، فلو ركبتم الإبل في طلبهن لأنضيتموهن قبل أن تدركوهن ، لا يرجو عبد إلا ربه ، ولا يخاف إلا ذنبه ، ولا يستحي جاهل أن يسأل عما لا يعلم ، ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم ، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له .

              حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عون بن سلام ، ثنا أبو مريم ، عن زبيد ، عن مهاجر بن عمير قال : قال علي بن أبي طالب : إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة ، ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، ألا وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل . رواه الثوري وجماعة عن زبيد مثله عن علي مرسلا ، ولم يذكروا مهاجر بن عمير .

              قال أبو نعيم : أفادني هذا الحديث الدارقطني عن شيخي ، لم أكتبه إلا من هذا الوجه .

              حدثنا محمد بن جعفر ، وعلي بن أحمد ، قالا : ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن يزيد أبو هشام ، ثنا المحاربي ، عن مالك بن مغول ، عن رجل من جعفي ، عن السدي ، عن أبي أراكة قال : صلى علي الغداة ، ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة ، ثم قال : لقد رأيت أثرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى أحدا يشبههم ، والله إن كانوا ليصبحون شعثا غبرا صفرا ، بين أعينهم مثل ركب المعزى ، قد باتوا يتلون كتاب الله ، يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح ، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم ، والله لكأن القوم باتوا غافلين .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا هناد ، ثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن الحسن ، عن علي قال : طوبى لكل عبد نؤمة ، عرف الناس ولم يعرفه الناس ، عرفه الله برضوان ، أولئك مصابيح الهدى ، يكشف الله عنهم كل فتنة مظلمة ، سيدخلهم الله في رحمة منه ، ليس أولئك بالمذاييع [ ص: 77 ] البذر ولا الجفاة المرائين .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحكم ، ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ثنا شجاع بن الوليد ، عن زياد بن خيثمة ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي قال : ألا إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم من عذاب الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، ولا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فهم فيه ، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها .

              حدثنا محمد بن علي بن حش ، ثنا عمي أحمد بن حش ، ثنا المخزومي ، ثنا محمد بن كثير ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن علي قال : كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الليل ، خلق الثياب ، جدد القلوب ، تعرفوا به في السماء ، وتذكروا به في الأرض .

              حدثنا أبو محمد بن حبان ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، ثنا عبدة ، ثنا إبراهيم بن مجاشع ، عن عمرو بن عبد الله ، عن أبي محمد اليماني ، عن بكر بن خليفة قال : قال علي بن أبي طالب : أيها الناس ، إنكم والله لو حننتم حنين الوله العجال ، ودعوتم دعاء الحمام ، وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان ، ثم خرجتم إلى الله من الأموال والأولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة عنده ، أو غفران سيئة أحصاها كتبته - لكان قليلا فيما أرجو لكم من جزيل ثوابه ، وأتخوف عليكم من أليم عقابه ، فبالله بالله بالله لو سالت عيونكم رهبة منه ورغبة إليه ، ثم عمرتم في الدنيا - ما الدنيا باقية ، ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لأنعمه العظام عليكم بهدايته إياكم للإسلام ، ما كنتم تستحقون به - الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم - جنته ، ولكن برحمته ترحمون ، وإلى جنته يصير منكم المقسطون ، جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية